الموصل عبر التاريخ

الموصل عبر التاريخ

20161023-al-mawsil

خوان كول

تتركز أنظار العالم الآن على مدينة الموصل بشمال العراق، حيث تشن القوات العراقية هجوماً لاستعادتها من «داعش» بدعم من قوات متعددة تنتمي لأطياف مختلفة ومتباينة – دولية وإقليمية ومحلية. وفيما يلي عرض موجز لتاريخ الموصل عبر العصور حتى اليوم.
1 – الموصل مدينة كبيرة بمعايير الشرق الأوسط قبل سيطرة «داعش» على المدينة، كانت الموصل وضواحيها تضم على الأرجح حوالي مليوني نسمة، مقارنة مع 6 ملايين في بغداد وحوالي مليونين في البصرة. ولكن كثيرين من سكان الموصل فروا بعد وصول «داعش»، ويعتقد أنها تضم حالياً ما بين 1 و 1،5 مليون نسمة.
2 – تعتبر الموصل وريثة مدينة نينوى القديمة، وأول مرة استوطن فيها البشر كانت قبل حوالي 8000 سنة، ثم أصبحت مركزاً حضرياً مهماً قبل حوالي 5000 سنة.

ومدينة نينوى كانت في قلب الحضارات التي توالت في بلاد ما بين النهرين. وفي القرن السادس قبل الميلاد أصبحت عاصمة الإمبراطورية الأشورية الصاعدة بقيادة سنحريب ( 705 – 681 ق.م. ) الذي غزا بابل وفلسطين. وخلال ذلك القرن، أصبحت نينوى عاصمة مهيبة.
وفي عام 612 ق.م. غزا البابليون الجدد والفرس نينوى، ما أدى إلى تراجع أهمية المدينة في العالم القديم.
3 – في القرن السابع الميلادي، أصبحت الموصل جزءاً من أراضي الخلافة الإسلامية، وسرعان ما تحولت إلى مركز للموسيقى العربية، خصوصاً بفضل موسيقيها الأشهر زرياب. ويعيد بعض المؤرخين ظهور الموشحات إلى التفاعل بين الحضارة الإسلامية والثقافة السريانية المسيحية. وفي القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، أصبحت الموصل مركزاً مهماً في أيام دولة الأتابكة، وشاركت في الحروب ضد الصليبيين.
4 – في العصر الوسيط، أصبحت الموصل مركزاً مهماً للتجارة العالمية، وشرياناً يربط ما بين المحيط الهندي، والخليج العربي، ووادي دجلة وصولاً إلى مدينة حلب في سوريا وحتى البحر المتوسط ومدينتي طرابلس (لبنان ) والإسكندرية.
5 – بعيد الحرب العالمية الأولى، لم يكن واضحاً إلى أية من الدول العربية الناشئة حديثاً إثر انهيار الإمبراطورية العثمانية ستنضم الموصل. وفي ذلك الوقت، اكتشف بترول في محيط المدينة، ما أثار تنافساً بين القوتين الاستعماريتين بريطانيا وفرنسا. وكان سكان المدينة متنوعين، حيث كان تركمان وأكراد وسريان يعيشون إلى جانب الأغلبية العربية السنية. وطمع الفرنسيون، الذين استولوا على سوريا، بالموصل، في حين أراد البريطانيون إلحاق المدينة بالعراق الخاضع لسيطرتهم. وفي ذلك الوقت، أجرت عصبة الأمم (سلف الأمم المتحدة ) مسحاً سكانياً في الموصل، ووجدت أن المدينة كانت في الواقع حاضرة تضم جماعات متنوعة في ثقافاتها وأديانها. وفي النهاية، أقنع البريطانيون فرنسا بضم الموصل إلى العراق.
6 – في عام 1936، توفي ملك العراق غازي في حادث سيارة. ومسألة ما إذا كان موته نتيجة حادث أم اغتيال لا تزال تثير جدلاً بين المؤرخين حتى اليوم. ولكن في حينه، كانت الجماهير الشعبية العراقية تعتقد أن عملاء سريين بريطانيين هم الذين دبروا الحادث. وعندما ترجل القنصل البريطاني في الموصل جورج مونك – ميسون من سيارته وخاطب حشداً جماهيرياً في محاولة لإقناع الناس بأن بلده لم يكن مسؤولاً عن موت الملك، ثارت ثائرة الجماهير وقام رجل بقتل القنصل.
وفي الواقع، كانت الموصل آنذاك معقلاً بارزاً للحركة القومية العربية، وموت الملك غازي لم يكن يبدو حادثاً معزولاً. إذ إن بريطانيا كانت تحكم العراق، بما فيه الموصل، بأساليب استعمارية وحشية، وكانت طائراتها تشن غارات متتالية. وبالنسبة لجماهير الموصل، كانت بريطانيا أيضاً هي التي أعطت فلسطين، بصفتها دولة الانتداب، إلى المستوطنين اليهود. وكثير من معلمي المدارس الفلسطينيين ذهبوا إلى الموصل بحثاً عن وظائف في مدارسها. وهناك، أخذ هؤلاء الفلسطينيون يشرحون لتلامذتهم ما كان يجري في فلسطين.
ومقتل القنصل البريطاني إنما كان في الحقيقة تعبيراً عن الغضب الشعبي إزاء الهيمنة البريطانية في العراق والمنطقة. وبعد ذلك ب19 سنة، في عام 1958، نجحت ثورة شعبية قادها ضباط عراقيون شبان في إنهاء السيطرة البريطانية على العراق. وأثناء تلك الثورة، قتل رئيس الوزراء الذي نصبه البريطانيون نوري السعيد سحلاً تحت أقدام الجماهير التي أخذت تجر جثته عبر شوارع بغداد.
7 – في العقود الأخيرة، كانت الموصل جزءاً من سلطة حزب البعث ( 1968 – 2003)، ثم جاء الأمريكيون وحكومة نوري المالكي (2003 – 2011). ثم في 2014، سيطر تنظيم «داعش» على الموصل.

أكاديمي ومؤرخ أمريكي –
موقع مدونته «إنفورمد كومنت»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *