المحلل المالي العتيبي يردُّ على مقال حمزة السالم: إما جاهل أو كاذب!
ردَّ المحلل المالي خالد بن عبدالله العتيبي على مقال الاقتصادي حمزة السالم، الذي تحدث فيه عن تناقص الاحتياطات الأجنبية، مستغربًا وقوع “السالم” في خطأ عدم التفريق بين الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد والاحتياطي العام للدولة.
وقال العتيبي في تعليقه على المقال: “كيف برجل مالي، يحمل شهادة الدكتوراه، أن يرتكب هذا الخطأ؟! إما أن الدكتور حمزة السالم جاهل، ولا يعلم أنه جاهل (وهذا الجهل المركب)، وفي هذه الحالة ندعو له، أو أنه كاذب، ويختلق الأمور عمدًا؛ ليتهم مواطنًا؛ فيجب محاسبته.. ولكن في كلتا الحالتين كلامه غير صحيح”.
وتفصيلاً، يقول العتيبي في الجزء الأول من ردِّه:
“قرأتُ مقالة للدكتور حمزة السالم، تحدث فيها عن تناقص الاحتياطيات الأجنبية. وأود هنا أن أفيد بأنني لا أعرف الدكتور حمزة السالم، ولم أقابله، ومعرفتي به محصورة على مقابلة تلفزيونية قبل أشهر عدة، شاهدته يتحدث فيها مع مقدم البرنامج، ويقول إن مشاكل السعودية جميعها ستحل إذا حللنا مشكلة الإسكان. كما ذكر خلال المقابلة نفسها أن وزارة الإسكان ستوفر للدولة مبلغ تريليون ونصف التريليون ريال (أي ألفًا وخمسمائة مليار) إذا حصلت الوزارة، التي ذكرت المنتديات أنه كان يعمل مستشارًا لديها، على الدعم المطلوب. وحتى هذه الساعة لم نرَ هذا التريليون ونصف التريليون الذي ذكره الدكتور حمزة السالم.
وهذه المقدمة أحببتُ أن أذكرها قبل أن أتطرق في مقالتي هذه إلى ما ذكره الدكتور حمزة السالم في مقالته بعنوان (الحقيقة في تناقص الاحتياطيات الأجنبية). وأناقش هنا ما كتبه الدكتور حمزة السالم عن مقابلة آل الشيخ مع بلومبرغ؛ إذ ذكر الدكتور حمزة السالم أن تصريحات آل الشيخ تنقسم إلى قسمين: الأول يتناول الاحتياطيات الأجنبية، والثاني أنه كان هناك هدر مالي شديد في الدولة، وتم تداركه. وبعد أن قرأت العنوان والمقالة رجعتُ إلى مقابلة بلومبرغ مع آل الشيخ، لكنني فوجئت بأن ما ذكره الدكتور حمزة السالم لم يرد في المقالة. وقرأت مقالة بلومبرغ ما لا يقل عن خمس مرات؛ ليطمئن قلبي، ولم أجد أي إشارة إلى (الاحتياطيات الأجنبية) التي ذكرها الدكتور حمزة السالم. كما أنني بحثت عن أي إشارة إلى الهدر المالي الذي نسبه الدكتور حمزة السالم إلى آل الشيخ، ولم أجد لها أي ذكر من قِبل الوزير؛ فأثار ذلك حفيظتي، خاصة أن الدكتور حمزة السالم اتهم آل الشيخ بالكذب حين قال نصًّا (هذا القول ليس بعيدًا عن الصحة، بل عكس الحقيقة تمامًا). بعد ذلك رجعتُ إلى تقارير مؤسسة النقد التي يدعي الدكتور حمزة السالم أنه استند إليها، ولم أجد فيها ما يزعمه السالم. فما الذي حصل؟
أولاً: الاحتياطيات الأجنبية واتهام السالم لمحمد آل الشيخ بالكذب: كما أشرتُ سابقًا، لم يرد ذكر (احتياطيات أجنبية) في مقابلة بلومبرغ، وليس لها ذكر في تقرير مؤسسة النقد، وإنما كان آل الشيخ يتحدث عن (الإنفاق الحكومي) خلال تلك الفترة. وإذا لم يكن السالم يعرف الفارق بينهما فالمصيبة عظيمة، وإذا كان يعرف الفارق فالمصيبة أعظمُ!
وبالرجوع إلى تقارير صندوق النقد الدولي بخصوص مشاورات المادة الرابعة الصادرة في سبتمبر 2015، تحديدًا جدول رقم 2 بالصفحة الأربعين، كان صندوق النقد بناء على معلومات مقدمة من وزارة المالية يتوقع أن يصل الإنفاق الحكومي إلى نحو تريليون ومائتي مليار خلال 2015، أي أن الإنفاق الشهري للحكومة نحو 100 مليار شهريًّا، وهو مبلغ قريب جدًّا من مبلغ 30 مليار دولار الذي ذكره آل الشيخ لبلومبرغ كإنفاق شهري تقريبي. كما كان العجز المتوقع حسب التقرير نفسه 427 مليار ريال لعام 2015، و328 مليار ريال لعام 2016 (أي ما مجموعه 755 مليار ريال عجز حتى نهاية عام 2016). لماذا أذكر هذه الأرقام؟ لأنه بالرجوع إلى تقرير مؤسسة النقد، وتحديدًا ملحق ٨ب، يتبيّن أن الاحتياطي العام للدولة كان يبلغ نحو 905 مليارات ريال في الربع الرابع من 2014. فلو أخذنا 905 – وهو احتياطي الدولة – وأنقصنا منه 755 – وهو العجز المتوقع – لتبقى 150 مليار ريال احتياطي للدولة في نهاية 2016. ولو لم يتم اتخاذ إجراءات للحد من الإنفاق كما ذكر آل الشيخ لنفدت احتياطيات الدولة في 2017، وهذا هو ما ذكره محمد آل الشيخ بهذا الخصوص.
وهنا أعود للدكتور حمزة السالم والأرقام التي استخدمها في مقالته. هناك خطأ شائع بين الناس، هو الخلط بين (الاحتياطي المالي للدولة)، وهو معلن بشكل شهري في تقرير مؤسسة النقد، و(الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد)، وهي تعلن في التقرير نفسه. حمزة السالم افترض أن آل الشيخ كان يتكلم عن الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد، بينما آل الشيخ كان يتكلم عن الاحتياطي العام للدولة. وهنا أتوقف عند هذه النقطة؛ فكيف لرجل مالي، يحمل شهادة الدكتوراه، أن يرتكب هذا الخطأ؟ إما أن الدكتور حمزة السالم جاهلٌ، ولا يعلم أنه جاهل (وهذا الجهل المركب)، وفي هذه الحالة ندعو له، أو أنه كاذب، ويختلق الأمور عمدًا؛ ليتهم مواطنًا؛ فيجب محاسبته.. ولكن في كلتا الحالتين كلامه غير صحيح.
ثانيًا: سأل الصحفي (كم تم إهداره؟)، وكان رد الوزير واضحًا (أفضل تقدير لي هو أنه بين 80 مليارًا إلى 100 مليار دولار سنويًّا، صرفت بكفاءة صرف متدنية). ولم يذكر أن هناك هدرًا ماليًّا أو أن هناك أي شيء آخر غير قلة كفاءة الإنفاق الحكومي. وقد تطرق إلى ذلك كثير من المسؤولين، وأن عددًا من الإجراءات التي يتم اتخاذها الغرض منها رفع كفاءة الإنفاق الحكومي. وأي مطّلع، ولو بشكل بسيط في هذا المجال – وأستثني هنا الدكتور حمزة السالم – يعلم أن التضخم السريع في الإنفاق يقلل من كفاءة ذلك الإنفاق. ولو ورجعنا إلى الإنفاق الحكومي فإن الميزانية المقدرة للدولة في عام 2009 كانت 510 مليارات ريال، والإنفاق الفعلي في عام 2014، أي خلال خمس سنوات كان يفوق تريليونًا ومائة مليون ريال، أي أن الزيادة في الإنفاق زادت أكثر من 100 %. وهذا ما ذكره آل الشيخ في مقابلة تلفزيونية، أُجريت معه العام الماضي.
وختامًا، أذكِّر القارئ الكريم بقوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.
ولنا عودة مع الجزء الثاني من مقال الدكتور حمزة السالم، وبيان ما فيه من طوام”.