الذكاء الاصطناعي… وتغيير الحكومات سياساتها

الذكاء الاصطناعي… وتغيير الحكومات سياساتها

| أندرو كين* |

أندرو كين

 

في وقت بدأت الروبوتات تستولي على المزيد من وظائفنا، وتتصاعد المخاوف من أن يتحول الواقع الافتراضي إلى «مخدّر عالمي» للبشر، يتوجب على السياسيين تحسين سياساتهم في شكلٍ عاجل. هذه وجهة نظر أندرو كين، الذي يشرح كلفة «القلق من الذكاء الاصطناعي» في مقابلة مع بين فلاناغان…

«عصر القلق» يحدق بنا! وهو عصر تهددنا فيه الروبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي بحرماننا من وظائفنا، وعصر يبدو فيه البشر الذين يزدادون كسلًا وقد انسحبوا إلى عوالم الواقع الافتراضي. فمن أين يأتي خلاصنا؟ على الحكومات وليس «غوغل» أن تتدخل.

هذا هو رأي كين، أحد أشهر المعلقين على الثورة الرقمية في العالم وأكثرهم إثارةً للجدل، وقد ألّف ثلاثة كتب من ضمنها كتاب «الإنترنت ليس الحل».

ويحذر كين من ارتفاع احتمال نشوب الاضطرابات الاجتماعية مع استمرار استبدال الآلات الذكية للبشر في وظائفهم، بدءاً بخدمات دعم التعليم القائمة على الذكاء الاصطناعي وحتى سيارات «أوبر» المستقبلية ذاتية القيادة.

ويشرح كين في ما يلي كيف يتوجب على الحكومات الاستجابة إلى مجتمع في طور التغيّر، وربما إلى مجتمع يزداد كسلاً.

• حسب دراسة أجراها باحثون في جامعة أكسفورد، من المحتمل أن تتم حوسبة 47 في المئة من كل الوظائف في الولايات المتحدة. هل هذا الأمر مرجّح حقًا؟

– هذا الاحتمال واقعي فعلاً، سواء كانت النسبة 40 أو 45 أو 50 في المئة. وسيصبح المزيد والمزيد من المهن فائضاً عن الحاجة. فعلى سبيل المثال، مع ارتفاع عدد السيارات ذاتية القيادة لن تكون ثمة حاجة إلى مهنة سائقي السيارات. وماذا سيحل بالمدرسين عندما يصبح التعليم مجانياً ويمتلك كل واحد منا روبوتاً قائماً على الذكاء الاصطناعي يعطينا تجربة تعليم مخصصة لنا؟ بالطبع لا غنى عن الناس الذين سيعملون في شركات التعليم هذه لكن سيفقد أغلب المدرسين وظائفهم. لذلك، على الحكومات مواجهة هذا الخطر لأن دور الحكومة هو حماية الشعب.

• هل سيتحول العرق البشري إلى عرق كسول؟ يقضون وقتهم أمام التلفاز؟

– قد لا تكون مصادفة أنه في الوقت الذي تزداد إمكانية الاستغناء عن الوظائف وتتقلص نسبة العمل الكافي لنا، نقوم بتطوير تكنولوجيا الواقع الافتراضي التي تسمح لنا بالعيش في عالم آخر. وهنا نجد أنفسنا أمام معضلة فلسفية: هل هذا ما نريده لأطفالنا فعلاً؟ هل نريدهم أن يعيشوا في عوالم افتراضية وأن يجوبوا في الواقع المضخّم (عدم القدرة على التمييز بين الواقع ومحاكاة الواقع)؟ وبغض الطرف عن المشكلة الاقتصادية المتمثلة في: من سيصنع القيمة وكيف سنكسب رزقنا ونكسي أنفسنا؟ ثمة هنا سؤال وجودي: ماذا سيعني وجودنا كبشر. وهل يضفي العمل علينا نوعًا من الإنسانية؟

أخشى أن يصبح الواقع الافتراضي بمثابة مخدّر عالمي يبدو وكأنه يحلّ مشكلة عدم إلزامية العمل. إلا أنّ هذا المخدر سيؤدي بدوره إلى عواقب وخيمة. وفي حال وصلنا إلى أسوأ سيناريو حيث تحكمنا الآلات وتستعبدنا، فسنكون عندها قد تحولنا إلى عرق ضعيف جدًا لأننا سنعيش جميعاً في ذاك العالم من الواقع الافتراضي. ولا أدعو هنا الحكومات إلى حظر الواقع الافتراضي لأن ذلك يجافي المنطق، لكن ربما علينا التقليص من درجة تغلغله. ولا يمكننا أن نعتمد في ذلك على أولياء الأمور أو المدرسين أو شركات التكنولوجيا فحسب. يشكل هؤلاء جزءاً من الحل بالطبع لكن على الحكومات أن تؤدي دوراً في هذا الحل أيضًا وإلا لن يوجد نفع للحكومات!

يرى الكثيرون أنه لا غنى عن الوظائف التي تتطلب الابتكار البشري كالمصممين والفلاسفة مثلاً. ولكن إذا تقدم الذكاء الاصطناعي بوتيرة سريعة جداً، ألن يفقد هؤلاء أيضاً وظائفهم؟

لا أرى أن الوضع سيكون مأساويا إلى هذا الحد. سيلعب المبتكرون دوراً في المستقبل لكن مشكلة الثورة التكنولوجية الرقمية التي نشهدها منذ 25 عاما هي أنها وعدت بإمكانية تحول أي شخص إلى مبتكر أو إلى كاتب مدونة أو إلى مساهم بتحميل محتوى الموسيقى أو الأفلام على يوتيوب. وهذا بالفعل ما يفعله الجميع، لكن لا يتمتع الكل بما يكفي من المواهب وبالتالي لا يصل الجميع إلى مستوى من النجاح يكفل لهم كسب المال. بل ما نشهده الآن هو بروز اقتصاد الطفرات، اقتصاد يخلق ثقافة تعزز من عدم المساواة الجامحة في العالم؛ فنجد من جهة مجموعة صغيرة من النجوم اللامعين العالميين ومن جهة أخرى بقية الناس. الأزمة الفعلية هي اختفاء «الوسط»، أي المهندس متوسط المهارات والمسؤول الحكومي العادي، فهؤلاء سيفقدون وظائفهم شيئًا فشيئا. وهذه أيضا مسألة على الحكومات معالجتها.

• لكن إن كنا جميعنا قد فقدنا الثقة بالحكومات في حين أنه يتوجب على الحكومات قيادتنا في غمار ثورة الروبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي، فإننا نواجه مشكلة كبيرة أليس كذلك؟

– نعم، إننا في وضع لا نحسد عليه. ما نحتاجه هو أن تعيد الحكومات ابتكار أنفسها، ولا أعني هنا «الحكومات الذكية» أو التصويت على الإنترنت، فهذه التغييرات ليست كافية وهي سطحية ليس إلا. ربما نحتاج إلى نوع جديد من الساسة الذين ينتهجون سياسة الصدق والتعاطي مع الناس عن كثب. غير أن المشكلة هنا مجددًا هي صعود أمثال ترامب، أي نجوم الواقع الافتراضي.

والحل معقّد أيضا، سيما أن الأحزاب السياسية التي سيطرت على العالم على مدى القرن الماضي – الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة والمحافظين والاشتراكيين في المملكة المتحدة مثلًا – هي منظمات وأحزاب خرجت من رحم الثورة الصناعية مثَّل أحدها طبقة العمال في حين مثل الآخر طبقة المهنيين. غير أن الطبقة العاملة شبه معدومة في عالمنا اليوم وطبقة المهنيين مهددة.

لا أنذر بمستقبل مشؤوم ولا أقول أن العالم يوشك أن يتداعى لكنني أسلّط الضوء وحسب على عالمٍ يسير في الاتجاه الخاطئ بطرق عدة. وإن كنا نريد إصلاح الأمور فعلاً، علينا التصرف عوضًا عن الاعتماد على التكنولوجيا، وهذه العملية بحاجة إلى إطار وسياق سياسي. لا يستطيع أمثال «غوغل» تدبير شؤون هذا العالم.

* مؤلف وأشهر المعلقين على الثورة الرقمية في العالم

 

«سي آي إيه» تتآمر على البشر!

«سي آي إيه» تتآمر على البشر!

سي آي إيه تتآمر على البشر

 

تأليف: ديفيد إتش برايس

استخدمت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية طوال الحرب الباردة (1947-1991) العلوم الاجتماعية في سبيل تحقيق أهدافها، فكان للعديد من العلماء مساهمة في إراقة الدماء والتسبب في معاناة شعوب بريئة. يلقي هذا الكتاب الضوء على العلاقة بين علماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) والمخابرات الأمريكية والبنتاغون وكيفية الاستخدام المزدوج للمشاريع البحثية الصادرة عن العلماء والمتخصصين في هذا الحقل طوال الحرب الباردة.
يتطرق هذا العمل البحثي إلى العلاقات السرية والعلنية بين وكالات الجيش / المخابرات وعلماء الأنثروبولوجيا في الولايات المتحدة من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى حرب فيتنام. ويبدأ الكاتب عمله بمقولة لعميل سابق لوكالة المخابرات المركزية في الولايات المتحدة المعروفة اختصاراً ب«سي آي إيه» وهي: «بعد كل ذلك، لا تعتبر وكالة المخابرات المركزية سوى أنها الشرطة السرية للرأسمالية الأمريكية، التي تقوم ليل نهار بسد التسريبات التي تحدث في السدّ السياسي، لكي يستمتع أصحاب الشركات الأمريكية العاملون في الدول الفقيرة بنهب مقدرات شعوبها».

ضدّ حقوق الإنسان

يشير الكاتب برايس إلى أن نهاية الحرب العالمية الثانية تركت الولايات المتحدة في موقف نادر بين المنتصرين، إذ لم تكن أمريكا الدولة الوحيدة على الأرض التي تمتلك سلاحاً جديداً قادراً على تسوية مدن بالأرض على نحو فوري وبشكل كامل، لكن عدم إلحاق الضرر بجبهتها الصناعية أعطاها الفرص الاقتصادية الحصرية التي جعلتها تمتد عالمياً.
ويرى أن الولايات المتحدة دخلت حينها عصراً من الازدهار الاقتصادي لم يشهده العالم من قبل، معلقاً: «مع نظام اقتصادي عالمي متمدد، وبطء في تعافي الكثير من دول العالم من أضرار الحرب، وجدت أمريكا نفسها مع ما وصفها سراً في 1948 جورج كينان مهندس الحرب الباردة، والذي كان يدعو إلى احتواء الاتحاد السوفييتي: «دولة بيدها حوالي 50 في المئة من ثروة العالم، لكن فقط 6.3 في المئة من سكانها يتمتعون بها.. في هذا الوضع، نكون مثار حسد واستياء. مهمتنا الحقيقية في الفترة المقبلة هي ابتكار نمط من العلاقات التي من شأنها أن تسمح لنا بإبقاء هذا الوضع من التفاوت… للقيام بذلك، علينا أن نتخلى عن العاطفية وأحلام اليقظة، واهتمامنا سوف يكون منصباً في كل مكان على أهدافنا القومية الآنية… يجب أن نتوقف عن الحديث عن الغموض والأهداف غير الواقعية مثل حقوق الإنسان ورفع معايير مستوى المعيشة والديمقراطيات».
ويعلق البروفيسور ديفيد برايس على ما قاله كينان مخطط السياسات الخارجية الأمريكية في سنوات الأربعينات والخمسينات قائلاً:»فهمَ كينان أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة لا يمكنها بشكل جدي أن تدعم الجهود لتحسين حقوق الإنسان، ورفع معايير مستوى المعيشة، وإدخال إصلاحات ديمقراطية فعلية. ومع ذلك، فقد قلل من أهمية الحاجة «للحديث عن» هذه الأهداف غير المنطقية والغامضة كأدوات البروباغندا الدولية والمحلية. استهزاء كينان كان مرتبطاً بعدم قدرة العديد من علماء الاجتماع الأمريكيين حينها على الاعتراف بأن مثل هذه التحفيزات التي تكون في خدمة مصالح ذاتية تتموضع في قاعدة العديد من البرامج والسياسات الخارجية الأمريكية في فترة الحرب الباردة المرتبطة بالأكاديميين الأمريكيين».
ويتحدث عن نهاية الحرب التي جلبت الشك لوكالات المخابرات الأمريكية، إذ إنه بموجب قانون تنفيذي أصدره الرئيس ترومان، تم حل مكتب الخدمات الاستراتيجية المعروف اختصاراً ب«OSS» في 1 أكتوبر/تشرين الأول 1945، وأوكلت مهام المخابرات إلى وزارتي الخارجية والحرب، ويتناول الفترة التي سبقت تأسيس وكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» فكانت حوالي 664 يوماً، قامت المخابرات خلالها ببعض وظائفها إلا أنها شهدت خللاً مؤسساتياً في أدائها.

علاقة ملتبسة

يتناول هذا العمل في سرد دقيق ومفصل العلاقات المتنوعة بين علماء الأنثروبولوجيا (الدراسة العلمية للإنسان وسلوكه وأعماله) الأمريكية ووكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية إلى حرب فيتنام. وقد سبق للمؤلف أن ناقش في أعماله السابقة علماء الأنثروبولوجيا الذين كانوا يعملون للدولة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، واضطهاد علماء الأنثروبولوجيا تحت المكارثية.
لجأ الكاتب خلال بحثه إلى مجموعة ضخمة من المواد الأرشيفية من مذكرات ووثائق غير منشورة طلبها من وكالة المخابرات المركزية في الولايات المتحدة ووزارة الدفاع «البنتاغون»، وهياكل الدولة الأخرى.
ويقدم فيه تحليلاً دقيقاً لتواطؤ علماء الأنثروبولوجيا مع أجهزة الدولة الأمريكية خلال الحرب الباردة، مقسماً عمله إلى قسمين، يتناول فيهما بشكل عام التغيرات في موقف أغلبية أشكال الانضباط والسلوك بشأن السياسة الخارجية للولايات المتحدة، حيث تغيرت من موقف الانحياز إلى الاعتراض.
يأتي القسم الأول بعنوان «البنية الانضباطية السياسية والاقتصادية في الحرب الباردة»، يركز فيه الكاتب على تطور علاقات الانضباط والسلوك مع أجهزة الاستخبارات بعد الحرب العالمية الثانية.
ويؤطر برايس حجته في سياق تغير السياسة الخارجية للولايات المتحدة حينها من مكافحة الفاشية والشمولية إلى تبني سياسات التحديث والتطوير الاستعمارية الجديدة.
ويناقش فيه الروابط بين أجهزة الاستخبارات الفيدرالية ما بعد الحرب العالمية الثانية وعلماء الأنثروبولوجيا، بالإضافة إلى هياكل التمويل الكبيرة مثل وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية ( USAID). ويتناول على نطاق واسع تأثير البيئة السياسية في تطور أي شكل من أشكال العلوم.
ويتألف هذا القسم من خمسة فصول هي: أولاً، الاقتصاد السياسي وتاريخ المخابرات الأمريكية في الحرب الباردة. ثانياً، الظل الطويل للحرب العالمية الثانية. ثالثاً، إعادة توظيف الأنثروبولوجيا المهنية في عالم ما بعد الحرب. ثالثاً، بعد الحرب: المراكز واللجان والندوات، ومشاريع الحرب الباردة الأخرى. رابعاً، علماء الأنثروبولوجيا والدولة: المساعدات، والديون، وأسلحة الحرب الباردة الأخرى للأقوياء. خامساً، اللحن الفاصل.

عسكرة الأبحاث الاجتماعية

وفي القسم الثاني من الكتاب بعنوان «ارتباط علماء الأنثروبولوجيا مع حالة الأمن القومي» يركز فيه برايس عبر تحليل دقيق على علماء أنثروبولوجيا ومؤسسات معينة، بما فيها الهياكل الأكاديمية مثل»مؤسسة آسيا وعلماء الأنثروبولوجيا المستقلون»مثل جيرالد هيكي. ويناقش برايس أيضاً تأثير القلق المتزايد لعلماء الأنثروبولوجيا في كل من التورط العلني والسري مع الدولة التي غلبت عليها العسكرة، وبلغت ذروتها في أواخر ستينات القرن الماضي، حيث تغلغلت فصائل راديكالية في اتحاد الأنثروبولوجيا الأمريكية من خلال مدونة قواعد السلوك.
ويدعو إلى معاينة نقدية ومستمرة للتاريخ والأعمال المعاصرة لعلاقات الاستخدام المزدوج، ويجد أنه مع الأزمات المتكررة والجهود التضليلية التي تجري لا بد من حل المشكلات السياسية باستخدام الأخلاق، وليس السياسة، مركزاً على انعدام الأخلاق لدى الكثير من السياسيين الأمريكيين وحلفائهم في المخابرات والجيش.
ويتكون هذا القسم من تسعة فصول هي: أولاً، أنثروبولوجيو الحرب الباردة في وكالة المخابرات المركزية. ثانياً، كيف تمول وكالة المخابرات المركزية الأمريكية البحوث الأنثروبولوجية؟ ثالثاً، أنثروبولوجيون متعاونون مع وكالة المخابرات المركزية بشكل غير مقصود. رابعاً، العمل الميداني في الحرب الباردة داخل عالم المخابرات. خامساً، أحلام مكافحة التمرد الأنثروبولوجية في الحرب الباردة. سادساً، اتحاد علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين يتصدى لاستعمال الجيش والمخابرات للمعرفة التأديبية. سابعاً، مكافحة التمرد المبلغ عنه بشكل أنثروبولوجي في جنوب شرق آسيا. ثامناً، علماء الأنثروبولوجيا لأجل العمل السياسي الراديكالي والثورة داخل اتحاد علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين. تاسعاً، فك الأسرار المفتوحة، التواريخ المخفية، الغضب المرفوض، مواضيع الاستخدام المزدوج المتكررة.

الاستخدام المزدوج

يعتمد تحليل ديفيد برايس على إطار الأنثروبولوجيا «ذات الاستخدام المزدوج»، ويذكر أن مصطلح «الاستخدام المزدوج» المعتمد من العلوم الفيزيائية، يشير إلى العلاقات التكافلية، غالباً غير المعترف بها، بين العلوم «التطبيقية» و«النقية»، مع إيلاء أهمية خاصة لاستخدام العلم من قبل الجيش ولأجله.. وفي مسألة وصف العلاقات بين الانضباط السلوكي والأخلاقي والجيش، يجد برايس أنه كان هناك درجات مختلفة من التواطؤ.
ويقول إنه أولئك الأنثروبولوجيون الذين آمنوا بأن عملهم كان محايداً من الناحية السياسية، كان في كثير من الأحيان متهوراً وغير محايد – في بعض الأحيان بشكل مقصود جداً – فيما يتعلق ب«التحالفات غير المفحوصة» مع الدولة المعسكرة. وبالتالي، في تحليله يتم وصف عدد قليل نسبياً من الجهات والمؤسسات التي تعمل بشكل مباشر مع أجهزة الاستخبارات العسكرية، والجزء الأكبر من تحليله يذهب إلى مؤسسات وهياكل التمويل التي فتحت الأبحاث لمناطق مختلفة، دفعت للتدريب على اللغة، وروجت للمنح الدراسية في مجلات معينة.. إلخ.
ويقول برايس إن هذه العلاقات الأخيرة شكلت في النهاية الأنثروبولوجيا من خلال الترويج لمناطق جغرافية معينة تحظى باهتمام أجهزة الاستخبارات، وكذلك من خلال الوسط السياسي العام الذي تم من خلاله إنتاج المنح الدراسية.

انعدام البوصلة الأخلاقية

يشير البروفيسور ديفيد برايس في نهاية عمله إلى الأنثروبولوجي الأمريكي الشهير ابن ال86 عاماً مارشال ساهلينز، الذي استقال في 2013 من الأكاديمية الوطنية للعلوم بسبب اعتراضه على أن الأكاديمية كانت تستخدم أعضاءها الأنثروبولوجيين في السعي إلى العمل لأجل مشاريع بحثية بتمويل من معهد البحوث العسكرية.
وفي رسالة استقالته، وصف ساهلينز إدراكه المتزايد بالطرق التي ساهمت فيها الأكاديمية بشرعنة العلوم الاجتماعية المعسكرة، والتي قادته إلى نقطة لم يتمنَ أن يكون طرفاً في مساعدة ودعم مشاريع بحثية تساهم في بحوث اجتماعية علمية لأجل تحسين الأداء القتالي للجيش الأمريكي، الذي يجده نهب دماء وثروة وسعادة الشعب الأمريكي، وتسبب في فرض معاناة على شعوب كثيرة في حروب لم يكن من داع لها.
يشكل هذا الكتاب مصدراً مهماً للقراء والمتخصصين والأكاديميين على وجه الخصوص في الاطلاع على تأثير تيارات التمويل في صنع القرار العلمي والبوصلة الأخلاقية التي يجد الكاتب أنها وصلت إلى مرحلة خطرة، وتحتاج إلى مراجعة شاملة، نظراً للكوارث التي يعانيها سكان مناطق ودول كثيرة في العالم.

من هو إتش برايس؟

ديفيد إتش برايس بروفيسور أمريكي من مواليد 1960، يعمل حالياً أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة سانت مارتن في لاسي، بواشنطن. أجرى العديد من الأبحاث والمهام الميدانية الأنثروبولوجية والأثرية في الولايات المتحدة وفلسطين ومصر واليمن. وهو عضو مؤسس لشبكة علماء الأنثروبولوجيا المعنيين، ويساهم بكتابته بشكل مستمر في موقع «Counterpunch»، وغيرها من المجلات والمواقع الرصينة. كتب ثلاثية تاريخية صادرة عن جامعة ديوك الأمريكية شمالي كاليفورنيا تناول فيها تفاعلات علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين مع وكالات الاستخبارات. الكتاب الأول بعنوان»الاستخبارات الأنثروبولوجية: استخدام وإهمال الأنثروبولوجيا الأمريكية في الحرب العالمية الثانية، (2008)، يوثق فيه المساهمات الأنثروبولوجية في الحرب العالمية الثانية. أما الكتاب الثاني فهو بعنوان «تهديد الأنثروبولوجيا: المكارثية واضطهاد مكتب التحقيقات الفيدرالي لعلماء الأنثروبولوجيا الناشطين (2004)، يعاين فيه الآثار المكارثية في علماء الأنثروبولوجيا. أما الكتاب الثالث فهو الذي بين يدينا بعنوان «أنثروبولوجيا الحرب الباردة: سي آي إيه والبنتاغون، ونمو أنثروبولوجيا الاستخدام المزدوج»، صادر في أواخر 2016 في 488 صفحة من القطع المتوسط، ومن كتبه أيضاً «تسليح الأنثروبولوجيا: العلوم الاجتماعية في خدمة الدولة المعسكرة» (2011، كاونتر بونج) يعاين فيه بشكل نقدي الاتجاهات الحالية في عسكرة الأنثروبولوجيا والجامعات الأمريكية.

عرض وترجمة: نضال إبراهيم

 

التعليم مفتاح إتاحة الفرص المتكافئة

التعليم مفتاح إتاحة الفرص المتكافئة

تأليف: فرانسوا بورغينون

%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%85-%d9%85%d9%81%d8%aa%d8%a7%d8%ad-%d8%a5%d8%aa%d8%a7%d8%ad%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d8%b5-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d9%83%d8%a7%d9%81%d8%a6%d8%a9

 

صدر أصل هذا الكتاب بالفرنسية، ونشرت ترجمته الإنجليزية في عام 2015. وما برحت هذه المعلومة مهمة في ضوء اقتران هذا الكتاب بنظير آخر صدر بدوره بالفرنسية للباحث الأكاديمي الفرنسي الشاب توماس بيكيتي تحت عنوانه الشهير «رأس المال».

وبعد صدور كتاب البروفيسور بورغينون عن »عولمة اللامساواة« عمد المحللون إلى التعامل مع الكتابين من منظور مشترك، أولاً لأن كلا المؤلفين أستاذ في كلية باريس للاقتصاد، وثانياً لأنهما لا يزالان مهتميْن بقضايا اللامساواة في المجال الاقتصادي، الاجتماعي، سواء على مستوى المجتمعات القومية القطرية أو على مستوى مجتمع الدول الراهن الذي أصبح محكوماً بظاهرة العولمة.

مع هذا، فمن النقاد مَنْ تعامل مع هذا الكتاب على أنه يصدر عن نَفَس هادئ، بحكم أن مؤلفه، البروفيسور أستاذ جامعي مخضرم، وبالتالي فقد توخى في كتابه اتباع أسلوب يرتبط بالواقع العملي الملموس، فيما جاء كتاب بيكيتي حافلاً بالأفكار الكبيرة والطروحات النظرية.

وفي كل حال يُحسب لكتاب البروفيسور بورغينون أنه يشدد على الاهتمام برفع مستوى التعليم باعتباره المفتاح الأساسي للفرص المتكافئة في أي مجتمع نام أو متقدم، وخاصة أمام المنتمين إلى الطبقات الدنيا وأبناء شرائح الطبقة الوسطى الطامحين إلى حياة أفضل.

في اللغة اللاتينية تنصرف مادة “إكواليس” إلى معنى التوازن والتعادل والتواؤم.. ومنها اشتقت الثقافات الأوروبية مصطلحات تؤدي هذه الأغراض، وفي مقدمتها بطبيعة الحال لفظة إيكوال ثم إيكوالتي التي تفيد بداهة معنى المتساوي وحالة المساواة.

وفي السياق نفسه، ولأداء المعنى ذاته، اشتق الفرنسيون واستخدموا لفظة »إيجالتي« لتفيد حالة المساواة، حيث ذاعت اللفظة الأخيرة حين دوت صيحات المقهورين والمظلومين في كل أرجاء فرنسا، التي شهدت أولى شرارات ثورتها الوطنية الكبرى.

وقد اشتعلت بعد سقوط وتحطيم سجن الباستيل يوم الرابع عشر من يوليو عام 1789. وبعدها ارتفعت شعارات الثورة الفرنسية الكبرى مرفوعة على لافتاتها المثلثة لتقول بما يلي: الحرية.. الإخاء.. المساواة.

المعذبون في الأرض

ظلت المساواة شعاراً وهدفاً وحلماً على مستوى شعوب العالم كله باعتبارها الأساس القويم لتحقيق العدل والإنصاف، بعيداً عن المجتمعات التي تشهد احتكار القلة (الأوليغاركية) لكل ما يحفل به مجتمعها من إمكانات ومزايا مادية ومعنوية، فيما يتم هذا الاحتكار على حساب الملايين ممن يعيشون في أدنى قاع السلم الاجتماعي، فريسة، كما هو بديهي، لآفة الفقر المدقع والجهل المتفشي والمرض الذي لا يُرجى منه شفاء.

إنهم »المعذبون في الأرض« على نحو ما وصفهم عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه الموجز الشهير الصادر في أواخر أربعينات القرن العشرين حيث صوّر في تصدير الكتاب حالة التباين الصارخ، المرفوض طبعاً، بين »الذين يحّرقهم الشوق إلى العدل«.. والذين يؤرّقهم الخوف من العدل.

صحيح أن مسيرة المجتمع العالمي، وخاصة عبر سنوات وعقود القرنين التاسع عشر والعشرين، ظلت تعلن عن مسيرتها نحو تحقيق المساواة، ولو بقدر متباين من مجتمع هنا إلى مجتمع هناك، إلا أن المتغيرات التي ظلت تستجد على المجتمع البشري ظلت ترتبط بأحوال وأوضاع تميزت بتحيزاتها الاجتماعية الاقتصادية لصالح طرف اقتصادي هنا وفئة اجتماعية هناك..

هكذا شهدت تلك الحقبة الزمنية الحديثة اختلال موازين المساواة بين الطبقات الأرستقراطية وعموم الجماهير، ثم بين فئات الأثرياء من أصحاب المصانع ومالكي رؤوس الأموال وبين الطبقات الدنيا، وخاصة الأفراد الذين لا يملكون سوى بيع جهودهم وساعات حياتهم لقاء أجر لم يكن حتى أواخر القرن 19 يفيد سوى في سد الرمق، على نحو ما تشهد بذلك مثلاً روايات المبدع الإنجليزي الشهير تشارلز ديكنز (1812، 1870).

كتاب من 5 فصول

يتألف كتابنا من خمسة فصول يعرض أولها لظاهرة يمكن وصفها بأنها اللامساواة الكوكبية. ويطرح الثاني سؤالاً يقول بما يلي: هل تتفاقم حالة اللامساواة بين البلدان؟

ويتعامل الفصل الثالث مع العولمة وعلاقتها بالقوى الكامنة خلف تزايد (تفاقم) اللامساواة. أما الفصل الرابع فيحمل العنوان التالي: نحو عولمة عادلة منصفة: الآفاق والمبادئ. ثم تعود نبرة التساؤل مع الفصل الخامس إلى حيث تقول: ما هي السياسات الملائمة لعولمة أكثر إنصافاً؟

وأخيراً ينهي البروفيسور فرانسوا بورجينون كتابه بخاتمة تحفل بنبرة لا تخطئها البديهة من التفاؤل وهي: »عولمة المساواة«.

على مدار فصول الكتاب لا يجد المؤلف بّدا من الاعتراف الواقعي بأن عالمنا الراهن إنما يعيش حالة من التناقض الغريب: بين اقتصاد نابض بالحركة (رغم ما قد يعانيه من أزمات في هذه المرحلة أو تلك) ولكنه أفضى بحكم دينامية حركته إلى رفع مستوى المعيشة لصالح ما يصل كما يقدّره المؤلف إلى نصف مليار إنسان كانوا يعيشون ويعانون في بلدان مختلفة: ما بين الصين إلى الهند إلى البرازيل .

ومع ذلك فثمة تيار متنام وملحوظ للأسف، ويشهد بازدياد حالة اللامساواة داخل البلدان ثم بين البلدان وبعضها البعض على خارطة العالم، تأمل مثلاً حالة أقطار في أوروبا أميركا.

وحالة أقطار في أصقاع العالم الثالث مازالت الأمم المتحدة تصنفها ضمن فئة أقل البلدان نمواً سواء من حيث الناتج المحلي الإجمالي أو من حيث الدخل اليومي للفرد الذي يتدنى في بعض أحراش آسيا أو أغوار أميركا اللاتينية أو أدغال أفريقيا عن دولارين .

عن أثر العولمة

والمعنى الذي يؤكد عليه المؤلف هو أن الوضع العالمي الراهن لم يعد يسمح بالتصنيف الكلاسيكي للدول إلى غنية متقدمة وإلى فقيرة آخذة في النمو. لماذا؟ لأن العولمة أصبحت حقيقة واقعة كمحصلة لما شهده كوكب الأرض من إنجازات في عوالم الاتصال وتكنولوجيا المعلومات..

وأيضاً لما بات يعانيه الكوكب المذكور أعلاه من مشكلات ليس أقلها جائحة تغير المناخ التي لا تستثني طرفاً من عقابيلها، يستوي في ذلك جنوب العالم النامي المتخلف وشماله الثري المتقدم على السواء.

ثم يمضي كتابنا إلى شرح مظاهر أو تجليات اللامساواة حيث يعرضها على النحو التالي: حالات اللامساواة (غياب الإنصاف) في: الأجور والدخول الفردية وفي الإيرادات الشخصية، وفي إنفاق المستهلكين، ورفاه الأفراد.

والمشكلة في تصور مؤلف الكتاب أن هذه التباينات.. هذه الثغرات الفاصلة، سواء كانت بين إيرادات الأفراد في المجتمع الواحد أو كانت بين إمكانات الدول في مجتمع العولمة، مازالت في حال من الاتساع ومن ثم التفاقم بكل ما ينجم عن ذلك من استشراء ظاهرة الفقر المدقع في الدول النامية التي حاولت منظومة الأمم المتحدة توصيلها إلى النصف على مدار الفترة 2000، 2015، ثم اعترفت أخيرا بأن جدول الأهداف الإنمائية للألفية التي سبقت إلى اعتماده المنظومة العولمية لم يُفْضِ إلى تحقيق هذا الهدف المنشود.

لكن يحسن مؤلف الكتاب صنعاً عندما يؤكد على حقيقة أن آفة اللامساواة لا تقتصر على العنصر المادي وحده، بمعنى عنصر النقود أو الدخل أو الإيراد المالي: ان المساواة تمتد في رأي المؤلف إلى المجالات غير النقدية كما تعبر عنها فصول الكتاب وتجسدها أحوال اللامساواة من حيث الحصول على الفرص المتكافئة إنما يتمتع بمزايا العدالة الاجتماعية.

اختصار المسافة بين الأغنياء والفقراء

ومن الطريف أيضاً أن نلاحظ كقارئين، تركيز الكتاب على مقولة تحذيرية كما نتصور ويصوغها الكتاب على النحو التالي: أيها الأثرياء، في ظل تحولات العولمة، لم تعد المسافة طويلة ولا عادت الشقة بعيدة كي تفصل كما كان في عصور انقضت، بين حياة الفقراء المحرومين، وحياة الأثرياء المحظوظين، المقياس نفسه ينطبق على حياة الدول، الشعوب النامية المتخلفة.

. المحرومة وحياة الدول، المجتمعات الموسرة التي ما برحت تنعم بأشهى ثمار التقدم الاقتصادي: كان العالم خلال القرون الماضية كوكباً شاسع الأرجاء، لكنه أصبح في ظل العولمة قرية تقاربت على صعيدها أحياء ومعايش الذين يملكون والذين لا يملكون..

وهو ما يجعل من حالة اللا إنصاف العولمي كما قد نسميه، وضعاً ملموساً ومرصوداً وخاصة من جانب الفقراء والمحرومين والمهمشين والمنبوذين، سواء كانوا يمثلون شرائح أو فئات أو طبقات اجتماعية، أو كانوا يشكلون دولاً تضمها خارطة النظام الدولي، العولمي الراهن.

التعليم: طوق الإنقاذ

في السياق نفسه تحذر فصول الكتاب مما يصفه المؤلف بأنه تراجع حظوظ الطبقات الوسطى بوصفها العناصر الضابطة كما نتصور، لحالة التوازن الاتزان الاجتماعي: إن هذه الطبقات تشهد حالياً انخفاضات بدأت تعتري مستويات معيشتها، فما بالنا بمن هم في قاع المجتمعات الموسرة ممن يرون شبكات الأمان (التأمينات، الضمان تدابير الرفاه.. إلخ) وهي تتبّخر وتكاد تفلت من أياديهم.

أخيراً يعترف المؤلف، محذراً في هذا المجال، بأن المشكلة لم تعد تتمثل في نوعية الإجراءات التي يتدارسها ويوصي باتخاذها أمثاله من الباحثين والدارسين:

المشكلة هي في التنفيذ الصحيح لما قد يصدر من توصيات، ومنها مثلاً التوصية بترقية أداء منظومات التعليم في البلدان النامية وفي الأقطار المتقدمة أيضاً، ومع ذلك يظل مستوى المعارف والمهارات المطلوبة دون المطلوب ودون مقتضيات العصر. لماذا؟.. لأن التنفيذ لم يكن على مستوى التوصية نفسه، وهو ما يتطلب مراجعة ما يتم تنفيذه ومن منطلق الاعتراف بالخطأ، وتوخّي مبدأ الأمانة مع الذات.

كتابات واجتهاد عن اللامساواة

لا عجب إذن أن يتواصل الاهتمام بقضية المساواة في إطارها الإيجابي.. ثم آفة اللامساواة في إطارها السلبي. حتى مع هذه السنوات الاستهلالية التي ما برحنا نعيشها في هذا القرن الحادي والعشرين.

من هنا فلاتزال قضية اللامساواة هي الشغل الشاغل لكوكبة من المفكرين والعلماء الباحثين في قضايا أوضاع الاقتصاد والتحولات الاجتماعية، سواء على المستويات القطرية أو المستويات الإقليمية فضلاً عن المستويات الدولية.

ويشهد بهذا الاتجاه صدور عدد من الكتب المحورية التي انشغلت بهذه المسألة ومن زوايا مختلفة بطبيعة الحال.

في هذا الإطار صدرت في المرحلة القريبة الماضية كتب من قبيل:

»اللامساواة وماذا يمكن أن نفعله حيالها« للمفكر الاقتصادي الإنجليزي أنتوني اتكنسون.

»الخطوط الفاصلة« للمفكر الاقتصادي الأميركي، الهندي الأصل راغورام راجان.

.»الهوة الواسعة« بقلم البروفيسور جوزيف ستغلتز، خبير البنك الدولي الحائز على جائزة نوبل.

وسط هذا السياق الحافل يصدر الكتاب الذي نعايشه في هذه السطور تحت عنوان ذاتيّ الدلالة كما نراه وهو: عولمة اللامساواة.

والمؤلف هو المفكر الفرنسي، البروفيسور فرانسوا بورغينون الذي اختار أن يطّل على قضية اللامساواة في هذا الكتاب من خلال منظورات ثلاثة هي: الاقتصاد + السياسة + العولمة.

ومن خلال هذا المنظور الثلاثي تتعامل طروحات كتابنا مع مشكلة اللامساواة: أولاً بين طبقات المجتمع البشري الراهن، وثانياً اللامساواة بين الدول المتقدمة والنامية ناهيك عن الدول المتخلفة، فيما تجري متابعة وتدارس هذه الظاهرة المَرضية والمنافية للقيم الإنسانية..

ولكن على صعيد أوسع نطاقاً هو ما يعرف باسم القرية العولمية، الإلكترونية التي بات يجسدها عالم اليوم على نحو ما سبق وأن تنبأ وبشّر به رائد الاتصال الإعلامي الشهير مارشال ماكلوهان منذ عقد الستينات من القرن العشرين.

عواقب اللامساواة داخل المجتمعات

يركز الكتاب كثيراً على عواقب اللامساواة داخل المجتمعات قبل نظيرتها فيما بين دول العالم. ومن الحلول التي يؤكد على طرحها هذا الكتاب ما يتمثل في النهوض بنظم التعليم في المجتمعات الفقيرة، ولكن على أسس تجمع بين إتاحة الفرص المتكافئة أمام أبناء الفقراء وبين توفير الأموال اللازمة في هذا المضمار من واقع نظام ضريبي أكثر فعالية يتم تطبيقه على فئات الموسرين.

وبديهي أن لهذه التطورات والأوضاع المستجدة عواقب فادحة الخطورة وهو ما يعبر عنه مؤلف كتابنا، قائلاً: إن هذه العواقب السلبية الناجمة عن تفاقم اللامساواة سوف تكون من الخطورة بمكان.

المؤلف

البروفيسور فرانسوا بورغينون أكاديمي فرنسي بارز اختصاصي في علوم الاقتصاد. حصل على الماجستير من جامعة مونتريــال الكندية ثم على الدكتوراه من جامعة براون بالولايات المتحدة.

وقد نشر المؤلف مئات المقالات البحثية ، فضلاً عما أصدره من كتب في هذه الموضوعات، ومنها مثلاً كتابه بعنوان أثر السياسات الاقتصادية على الفقر وتوزيع الدخل وكتابه عن ديناميات توزيع الدخل في شرق آسيا وأميركا اللاتينية.

 

كتاب من الصفر إلى الواحد

كتاب من الصفر إلى الواحد

0-to-1-book

 

نشر أب أمريكي تعليقا يعبر فيه عن تعجبه من أمر عجيب. هذا الأب له ابنتان، الأولى متفوقة دراسيا حتى ضموها لفصل خاص لأمثالها لمساعدتها على التفوق الدراسي، والثانية تعثرت دراسيا وحين كانت تحرز درجات المرور وعدم الرسوب فرحت العائلة كلها. حتى الآن لا عجب، فالعجب يأتي حين مرت الأيام وتخرجت المتفوقة وبحثت عن وظيفة فلم تجد سوى معلمة في حضانة أطفال براتب ضعيف، بينما الثانية أسست شركة مستحضرات تجميل خاصة بها تدر عوائد سنوية قدرها 2 مليون دولار.

حتى أنت الآن، ستقلب الأمر في عقلك ثم تقول لي هذه حالة وحيدة لا يمكن أن تبني عليها نظرية، لكنك من داخلك تعلم أن هذا ليس صحيحا، فالمتفوق دراسيا نهايته إما أستاذا جامعيا أو موظفا في رتبة عالية، وحتى هؤلاء نسبتهم قليلة، فالكثير من المتفوقين دراسيا إن لم تتلقفهم جهة حكومية تنفق على نبوغهم فللأسف سيخبو نجمهم ويضيع حلمهم ويعيشون حياة تقليدية غير التي كان الناس يظنون أنهم سيصبحون عليها. أرجو عدم التسرع، أنا هنا لا أهاجم المتفوقين علميا ودراسيا، أنا هنا ألفت الانتباه إلى أن التفوق الدراسي وسيلة وليس الغاية.

من الصفر إلى الواحد

هذه النقطة تناولها بيتر ثييل في كتابه الممتاز من الصفر الى الواحد،

(هذا العنوان كناية عن الدعوة للابتكار والانتقال من لا شيء إلى الواحد، وعدم التركيز على التقليد، والذي هو الانتقال من الواحد إلى ما لا نهاية).

 

بيتر ثييل نفسه مثال على هذه النقطة، فهو خريج الحقوق وتخرج ليتفوق بعدها في مجال المحاماة حتى أنه ترشح للعمل ضمن فريق المحكمة الدستورية العليا الأمريكية، لولا أن طلبه قوبل بالرفض وهو ما كان له الوقع النفسي الشديد عليه، فهو كان يظن أن هذه الوظيفة هي منتهى أحلامه. ما حدث بعدها أمر تقليدي يعرفه قارئ قصص النجاح الكثيرة في مدونة شبايك، ذلك أن هذا الرفض دفعه للعمل على مشروع ناشئ اسمه باي بال.

الشغف المدمر بالمنافسة

يرى ثييل أن النظام الدراسي العالمي الحالي هو انعكاس لشغف البشر الشديد بالمنافسة، لا لشيء سوى أننا معاشر البشر نحب المنافسة وهذا الولع ينسينا لماذا تنافسنا في المقام الأول. المدرسون يزكون هذه الروح التنافسية بين الدارسين، ذاكر جيدا لتسبق منافسك فلان الذي تغلب عليك في درجات الشهر الماضي. احذف الترفيه من حياتك حتى لا تتقدم عليك زميلتك الجامعية فكيف لبنت أن تسبق شابا واعدا. تحمل يا فتى فأنت في السنة الجامعية الأخيرة ويجب أن تحرز أعلى الدرجات لتكون أول الدفعة وتحصل على الامتياز والتقدير.

ثم ماذا؟

بعدما تحقق لهم الدرجات العلى، تجدهم يطالبونك بأن تحصل على الوظيفة الفلانية، وربما ساعدوك بواسطة تظلم بها غيرك، وبعدها يطالبونك بأن تنافس زميلك فلان، ثم تنافس غريمك علان في السوق، ومن منافسة لحرب لقتال لنزاع حتى لتظن أنك تحرر القدس. بعد فترة من الوقت ستجد أن هذه الروح التنافسية تشغل نظرك عن حقائق كثيرة.

لماذا ندرس جميعا؟

ببساطة، لتحصل على حياة أفضل. الآن، ما هو تعريفك للحياة الأفضل؟ هل هي أن تعيش وأنت تعرف أنك أفضل من جارك وأحسن من قريبك وتتفضل على صديقك الذي تعرفه على الرغم من أنه أقل من مستواك؟ بالتأكيد لا، لكن بكل أسف، ننزلق دون أن نشعر لأن نفعل ذلك ونفكر بهذه الطريقة. أنت تريد لابنك أن يكون أبز من أقرانه، ولبنتك أن تكون أفضل من نساء العالم وهكذا.

هل المنافسة خطأ؟

نعم و لا. معضلة هذا العالم هي أن كل شيء له حدود فضلى وأخرى خطيرة، وهذه يسمونها التفريط والإفراط، والمعضلة هي أن الحدود الفاصلة بين الإفراط والتفريط غير واضحة المعالم، تدركها دون أن تراها، و فوق كل هذا، هذه الحدود تتغير بتغير الوقت. المنافسة مطلوبة لكنها وسيلة لا الهدف. البشر بدون منافسة تميل للتكاسل والتقاعس. الكثير من المنافسة يدفع البشر للجريمة وللقبيح من الأفعال، بما يضرهم ولا ينفعهم ويشغلهم عما كان يجب عليهم الاهتمام به، و الانسان يعيش حياته مترددا بين الإفراط والتفريط.

اضرب لنا أمثلة

مايكروسوفت شركة تعمل في مجال برمجة التطبيقات وأنظمة التشغيل. جوجل شركة تعمل في مجال البحث على انترنت والإعلانات. بدلا من أن يركز كل منهما في مجال، شرعا في دخول منافسة طاحنة، وبدأت حروب تدور ما بين ويندوز و كروم او اس، نيكسيس و سيرفيس، متصفح كروم و اكسبلورر، جوجل و بينج، اوفيس و دوكس، وهكذا. ماذا حدث بعد اشتعال هذه المنافسة؟ في يناير 2013 كانت القيمة السوقية لشركة منافسة اسمها ابل 500 مليار دولار، في حين كانت القيمة السوقية للغريمين جوجل و مايكروسوفت 467 مليار دولار مجتمعين. 3 سنوات قبل هذا التاريخ، كانت القيمة السوقية لابل أقل من تلك لمايكروسوفت أو جوجل منفصلين! الحرب التنافسية أمر مكلف للغاية.

الويل كل الويل حين تتحول المنافسة من تجارية لشخصية

مثال آخر طريف حدث في 1996، حين اشتعلت منافسة ما بين مؤسس أوراكل و مؤسس شركة منافسة اسمها انفورمكس. لاري اليسون مؤسس أوراكل كان من النوع الذي يصنع أعداء له ومنافسين لكي يجعل موظفيه يشعرون وكأنهم في ساحة حرب، على أمل تحفيزهم أكثر. ما حدث هو شركة انفورمكس وضعت إعلانا ضخما بالقرب من مقر أوراكل قالت فيه: احترس، الديناصورات تمر من أمامك، في إشارة إلى أن شركة أوراكل (والتي تظهر في خلفية الإعلان) كبيرة جدا مثل الديناصورات المنقرضة.

0-to-1-book___2nd-image

 

قام لاري اليسون بالرد بأن وضع إعلانا ضخما بالقرب من مقر انفورمكس يشير إلى إنها أبطأ من الحلزون. استمرت هذه التصرفات الصبيانية حتى استيقظ مدير انفورمكس ذات يوم على فضيحة محاسبية في شركته دمرتها وأرسلته للسجن. هل لو كان مدير انفورمكس انشغل أكثر بأمور شركته بدلا من المنافسة الشخصية لتمكن من اكتشاف مشاكل شركته وحلها؟

المنافسة مطلوبة مثل الملح، حسبك القليل منه لا أكثر.

يجب عليك أن تؤمن بالأسرار

منذ قرنين، لم يكتشف الانسان كل بقاع الأرض، وكان هناك على الخريطة الجغرافية أماكن لم يصلها البشر بعد، وكان الناس حين يسمعون قصص وحكايات المستكشفين، كانوا يتمنون أن يكون مستكشفين بدورهم ويكتشفوا المزيد من الأسرار. اليوم مجلة ناشيونال جيوغرافيك تعرض لك صورا لأماكن غريبة وعجيبة ومثيرة، في كل بقعة من الأرض، ما قضى على إثارة الاستكشاف. اليوم، يسود الناس قناعة بأن العالم كشف كل أسراره وبالتالي لم يعد هناك جديدا لنكتشفه، وهذه قناعة كاذبة مدمرة.

رحلة شركة اتش بي من القمة للتقليدية

في عالم الشركات، هناك دائما أسرار تنتظر من يكشف غموضها، الإدارة القديمة لشركة اتش بي HP كانت تؤمن بهذه النظرية ولذا وظفت المهندس توم بيركنز في 1963 ليرأس قسم الأبحاث في الشركة. في عام 1990 كانت القيمة السوقية لشركة اتش بي 9 مليار دولار، ثم طرحت في 1991 أول طابعة حبر ملونة بسعر اقتصادي، ديسك جيت 500 سي (DeskJect 500c) ثم في عام 1993 طرحت لابتوب اومنيبوك وهو كان خفيفا سهل الحمل (في وقته) ثم في العام التالي طرحت طابعة اوفيس-جت OfficeJet أول طابعة شاملة تتضمن ماسحة ضوئية وجهاز فاكس معا. في عام 2000 كانت قيمة الشركة السوقية بفضل هذه الابتكارات 135 مليار دولار. في عام 2010 كانت قيمة الشركة السوقية 70 مليار دولار. ما الذي حدث؟

في 2005 كان هناك فريقان يديران الشركة، الفريق القديم بقيادة بيركنز والذي كان يرى أنه يجب على اتش بي أن تبحث عن أسرار جديدة لتكتشفها وتوفرها في صورة منتجات جديدة، وفريق آخر، بقيادة باتريشا دان رئيس مجلس الإدارة وهي امرأة استقت جل خبرتها من العمل في مجال البنوك الممل، هذا الفريق الأخير أصر أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان وأن الأسرار اكتشفت كلها ولم يعد هناك جديد لتقديمه وللأسف فاز هذا الفريق. النتيجة معروفة، بنهاية عام 2012 كانت القيمة السوقية للشركة 23 مليار دولار.

هناك دائما أسرار تنتظر من يكشفها، إذا لم تؤمن بهذا فاعرف أنك تقليدي ممل، أما إذا آمنت بذلك، فاعلم أن المستكشف يصيب ويخطئ، وإذا كنت تخجل ويصيبك الذعر من أن تضع نظرية ما ثم تكتشف خطئها وتعلن خطئك، فمن الأفضل لك أن تنضم لمعسكر التقليديين المملين، وانتظر حتى يأتي مستكشف فعلي ينجح فيما فشلت فيه. الاستكشاف لا يعرف الخوف أو الخجل من الوقوع في الخطأ.

(لهذا السبب لا أجد فائدة من الإعلان على انترنت لمدونتي، فهذه الإعلانات حين جربتها أتت لي بالسلبيين التقلديين المشككين (إلا من رحم ربي)، الذين لا يفعلون شيئا سوى التشكيك في مقالات المدونة وترك سمومهم الفكرية وإحباطهم ثم الرحيل. الإيجابي الباحث عن إيجابيين مثله سيعثر علينا وحده، دون حاجة لإعلان!)

مقتطفات قصيرة لأفضل ما جاء في سياق كتاب من الصفر إلى الواحد

في 2005، قام ديفيد شو  وهو فنان جرافيتي، بـدهان حوائط مكتب شركة جديدة اسمها فيسبوك، وطلب أن يكون أجره في صورة أسهم في الشركة لا نقدا (رغم عدم اقتناعه بفكرة فيسبوك إلا أنه آثر المغامرة). سبع سنوات وفي عام 2012 كان نصيبه من هذه الأسهم يعادل قرابة 200 مليون دولار.

تطلق الصحافة على الفريق الذي وظفه واختاره وانتقاه بيتر ثييل (أو تيل) في بدايات تأسيس باي بال لقب: مافيا باي بال، لأن كل واحد من هذا الفريق خرج بعد بيع باي بال إلى إيـباي ليؤسس مشروعا جديدا، قيمة كل مشروع من هذه المشروع لا تقل قيمته السوقية اليوم عن مليار دولار، وهم إيلون مصك مؤسس سيارات تيسلا و سبيس اكس، رييد هوفمان مؤسس موقع لينكدإن، الثلاثي ستيف شن – شاد هارلي – جواد كريم والذين أسسوا موقع يوتيوب، جيرمي ستوبلمان و راسيل سيمونس وأسسا موقع يلب Yelp وديفيد ساكس شارك في تأسيس يامر Yammer، بينما بيتر ثييل نفسه أسس شركة تقنيات بالانتير   Palantir

الناس تكره أن يبيع لها أحد أي شيء، ولذا تجد المسمى الوظيفي لرجال المبيعات والتسويق والاعلانات: مسؤول حسابات تنفيذي أو مدير تطوير الأعمال.

 

15 صفة يتشاركها رواد الأعمال العظام

15 صفة يتشاركها رواد الأعمال العظام

 

manegment-02

أن تكون واحد من آلاف رواد الأعمال المنتشرين حول العالم ليس بالأمر الصعب، ولتتميز قليلاً قد تحتاج إلى بعض المجهود والذكاء والمثابرة، أما الوصول للريادة والتفرد والعظمة فيحتاج إلى هذه الإمكانيات السابقة بالإضافة إلى عدد من الصفات التي نعرضها عليك في هذا المقال.

manegment-07
1- التركيز.
على كافة الأمور والتفاصيل المتعلقة بالعمل والأشخاص القائمين عليه.
2- الثقة بالنفس.

على ألا تتعدى حدودها لتتحول لغرور لا يؤدي إلى الفشل.

3- الشفافية.

4- النزاهة.

5- الإلهام.

عليك أن تكون ملهماً لموظفيك في الوقت ذاته الذي تكون فيه قادر على قبول الإلهام من الآخرين.

6- الشغف.

الشغف بما تفعله هو أهم سبل الإصرار على النجاح فيه.

7- الابتكار.

لا تكن معتاداً وعادياً، ابتكر ودع موظفيك يطلقون عنان ابتكاراتهم.

8- الصبر.

لا تتعجل الأمور فلكل خطوة وقتها المناسب.

9- التعقل.

التهور هو العقبة الشخصية الأكبر في سبيل نجاحك.

10- المسؤولية.

تحمل مسؤلية قراراتك واختياراتك وكن على قدر هذه المسؤولية.

11- العقل المتفتح.

كافة الأفكار يمكن تطبيقها، ورأيك ليس الوحيد الصحيح.

12- الإيجابية.

قم بنشر الروح الإيجابية في فريقك وانتظر منهم تنفيذ مهامهم بكفاءة.

13- التواصل.

اخلق مساحات للتواصل الدائم مع فريقك وموظفيك.

14- أن يعتمد عليك.

يجب عليك أن تؤكد لموظفيك أنهم قادرين على الاعتماد عليك في أي لحظة.

15- القوة.

يستمد موظفيك قوتهم منك، وتنعكس تلك القوة في النهاية على نجاح أعمالك.

 

manegment-06

 

ما هو الطعام الصحي

ما هو الطعام الصحي

%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b0%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d9%8a

 

إنّ الطعام هو الذي يقوم بتزويد جسم الإنسان بالطاقة حتّى يستطيع أن يكمل يومهُ بشكل جيّد ، وهو من الأمور التي يجب أن يهتم فيها الإنسان ، مع الانتباه جيداً أن لا يأكل أي شيء قد يؤثّر على طبيعة جسمهُ ، ويعتبر الطعام الصحي و الجيد هو أساس الصحّة الجيدة ، كما أكّدت أبحاث طبيّة حديثة أن الطعام هو من أكبر الأسباب التي تؤدّي الى مشاكل صحيّة عديدة ، فالجسم يحتاج الى طعام جيّد حتّى يكون في صحّة جيّدة.

المفتاح لاتباع نظام غذائي صحي

يجب الانتباه إلى تناول الكمية المناسبة من السعرات الحرارية التي يحاجها الجسم لتمدّه بالطاقة ، بحيث يمكنك تحقيق التوازن بين الطاقة التي تستهلكها مع الطاقة التي تستخدمها ، فإذا كنت تتناول الكثير من الطعام أو الشرابفإن وزنك سوف يزداد ، أما إذا كنت تتناول القليل من الطعام و الشراب فإن وزنك سوف يقل. إنّ الرجل العادي يحتاج حوالي 2500 سعرة حرارية في اليوم أي ما يعادل 10500 كيلوجول ، بينما تحتاج المرأة العادية إلى 2000 سعرة حرارية أي ما يعادل 8400 كيلوجول ، فعلى الشخص أن يتناول مجموعة كبيرة و منوّعة من الأطعمة لضمان الحصول على نظام غذائي متوازن و أن يحصل الجسم على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها.

أساسيات الطعام الصحي لجسم الإنسان

كل إنسان يحتاج الى 40 نوع من الطعام حتّى يستطيع أن يستفيد منها ، ولا يكفي أن يعتمد الإنسان على نوع واحد ، فالوجبات والأطعمة التي يتناولها الإنسان يجب أن تحتوي على : الخبز ، الفواكه ، الخضراوات ، اللحوم ، والألبان ، والأسماك ، والأطعمة التي تحتوي على البروتينات .

تناول وجبات منتظمة

إن الإنسان الطبيعي أو بالأحرى كل شخص في اليوم يحتاج الى 3 وجبات رئيسيّة يجب أن يحافظ عليها ويأكل القدر الكافي منها ، وعند الإنتظام بهذه الوجبات الثلاث الرئيسيّة يستطيع الإنسان السيطرة على جوعهِ بين الوجبات بأن يأكل من الفواكه والخصراوات التي تفيد صحّته ، وعند شعوره بالجوع فيُفضل أن لا يأكل بشراهه لأنّهُ سيتحوّل مع مرور الوقت الى وجبة رابعة أساسيّة فيفقد الإنسان نظام الطعام الصحّي .

ارتكاز الوجبات على الأطعمة النشوية

إنّ الأطعمة النشوية تشمل البطاطا، و الحبوب، المعكرونة، الأرز و الخبز ، و يفضل أكل البطاطا مع قشرتها إذا أمكن و ذلك لأنها تحتوي على الألياف،و تساعد على الشيع لفترة طويلة . يُفضل إضافة صنف غذاء نشوي واحد على الأقل في كل وجبة رئيسية ، هناك اعتقاد بأن الأطعمة النشوية قد تسبب زيادة بالوزن و لكن مقارنة مع الدهون فإنّها تحتوي على أقل من نصف السعرات الحرارية.

الإكثار من تناول الفواكة و الخضراوات

ينصح أخصائيو التغذية بتناول خمس وجبات على الأقل من أنواع متنوعة من الفاكهة والخضروات يومياً.

الإكثار من تناول السمك

يُعتبر السمك مصدر جيد للبروتين و ذلك لإحتوائه على العديد من الفيتامينات و المعادن. و يفضل تناول السمك مرتين على الأقل في الأسبوع، بما في ذلك وجبة واحدة على الأقل من الأسماك الزيتية. إذ أن الأسماك الزيتية غنية بدهون الأوميغا 3، و التي قد تساعد على الحد من أمراض القلب.

سمك طازج أم مُعلّب ؟

يجب الانتباه إلى أن الأسماك المعلبة والمدخنة تحتوي نسبياً على نسب عالية من الملح ، فيُفضل اختيار الأسماك الطازجة.

أنواع الأسماك الدهنية و غير الدهنية ؟

الأسماك الدهنية تشمل على :

  • سمك السلمون.
  • الماكريل.
  • التراوت.
  • الرنجة.
  • التونة الطازجة.
  •  السردين .
  • سمك الرنكة.

الأسماك غير الدهنية

تشمل على :

  • سمك الهادوك.
  • سمك موسى.
  • الكولي.
  • سمك القد.
  • التونة المعلبة.
  • السكتي و الهاكي.

يجب على أي شخص يتناول السمك بانتظام محاولة اختيار أوسع تشكيلة ممكنة.

التقليل من تناول الدهون المشبعة

أنواع الدهون الدهون المشبعة

إن تناول كمية كبيرة من الدهون المشبعة يؤدي إلى زيادة كمية الكوليسترول في الدم، مما يزيد من فرص الإصابة بأمراض القلب. و تتواجد الدهون المشبعة في أطعمة كثيرة : مثل الأجبان الصلبة، الكعك، البسكويت، السجق، القشطة، الزبدة، شحم الخنزير و الفطائر.

الدهون غير المشبعة

توجد الدهون غير المشبعة في الزيوت النباتية، الأسماك الزيتية و الأفوكادو. يمكنك استخدام كمية صغيرة من الزيت النباتي أو دهون قليلة الدسم بدلاً من الزبدة، الشحم أو السمن. عند تتناول اللحوم، يجب مراعاة تناول حصص محددة و إزالة أي دهون واضحة.

التقليل من تناول السكر

يتناول معظم الناس الكثير من الأطعمة السكرية والمشروبات، والتي بدورها تساهم في زيادة الوزن ، كما يمكن أن تسبب تسوس الأسنان، خصوصا إذا تم تناولها بين الوجبات. فعلى الأشخلص الذين يتناولون السكريات و المشروبات التقليل من المشروبات الغازية المحلاة بالسكر، الكعك، البسكويت و الحلويات، التي تحتوي على سكريات مضافة.

ما هي السكريات المضافة ؟

إن السكر المضاف هو من أنواع السكر الذي ينبغي التقليل من تناوله بدلاً من السكريات التي توجد بشكل طبيعي في الأطعمة مثل الفاكهة والحليب. يمكن الاستفادة من الملصقات الغذائية الموجودة خلف المنتوجات الصناعية فيجب استخدامها للتأكد من محتوى الأطعمة من السكر. إذا كانت اللصاقة تقول أن الطعام يحتوي أكثر من 22.5 غ من السكر في كل 100 غ فإنه يحتوي نسبة مرتفعة من السكر.

المحافظة على النّشاط البدني

إنّ النشاط البدني يساعد على عدم اكتساب الوزن الذي خسرته مجدداً ،النشاط لا يعني إمضاء ساعات في الصالة الرياضية ، بل هناك طرق و سبل كثيرة لإدخال المزيد من النشاط في الحياة اليومية ، مثل : محاولة النزول من الحافلة في المحطة السابقة للمنزل أثناء العودة من العمل، و إكمال الطريق مشياً على الإقدام ، إنّ ممارسة النشاط البدني يساعد على التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب و السكتات الدماغية و مرض السكري من النوع 2.

لا تهمل وجبة الإفطار

أظهرت الأبحاث أن تناول وجبة الإفطار يمكن أن يساعد بالتحكم بالوزن، حيث تعد وجبة الإفطار الصحية جزء مهم من نظام غذائي متوازن، ويقدم بعض من الفيتامينات والمعادن التي نحتاجها لصحة جيدة.