هل تراقبك شركتك ؟ | (الجاردين ) إليك كيف تحمي خصوصيتك في العمل

SPY-ON-YOU-IN-WORK-01

دوام عمل يمتد من التاسعة إلى الخامسة أو يزيد، بالطبع لا نعمل طوال الوقت، ربما نسترق بعض النظرات لحساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي وسط العمل مستخدمين حاسب الشركة. قد يكون أمرًا عاديًا قمت به مرارًا وتكرارًا، لكن تحذرك «الجارديان» في تقرير نشرته من تلك الخطوة التي قد تعرض حسابك الشخصي أو أمن الشركة التي تعمل بها للخطر.

 يذكر التقرير أن كل ما تقوم به على أجهزة العمل قد يكون مُراقبًا من صاحب عملك؛ لذا إليك بعض النصائح التي قد تساعدك لحماية بياناتك.

تقول «جيسيكا باركر» – استشاري أمن الحاسبات والمعلومات – إن العمل تسلل تدريجيًا إلى أوقاتنا الخاصة، وتسللت حياتنا الشخصية إلى عملنا، وذلك بتشجيع من التكنولوجيا، ففي كثير من الوظائف هناك احتمالات أن يعمل الناس ساعاتٍ طويلةً، ويردون على الرسائل الإلكترونية خارج أوقات العمل الرسمية؛ فأدى ذلك الاختلاط إلى زيادة تعقيد مسألة الخصوصية والأمن في العمل.

وكان لابد للمنظمات أن تكرس جهودها لمقاومة الهجمات الخبيثة، ليس فقط ضد المتسللين الخارجين، بل والداخليين أيضًا، الذين قد يسيئون استعمال المعلومات أو سرقتها.

مع تزايد تولد المعلومات سواء المُشَارَكة أو المُخَزَّنَةُ أكثر من أي وقت مضى، صارت الحاجة للحماية من التهديدات الداخلية والخارجية أكثر إلحاحًا. لذلك، ما هي الطريقة المثلى لحماية خصوصيتك وأمنك داخل العمل؟

افصل بين أجهزة العمل والأجهزة الشخصية

SPY-ON-YOU-IN-WORK-02

من الحكمة أن تتجنب استخدام أنظمة العمل وأجهزته – كجهاز الكمبيوتر المحمول أو الهاتف أو البريد الإلكتروني الخاص بالعمل – لأي غرض شخصي. ففي معظم الحالات، هناك توقعات معتدلة للخصوصية داخل العمل. إذ يتغاضى أصحاب الأعمال عن قدر معين من الاستخدام الشخصي، خاصة إذا قمت بتلك الأمور أثناء أوقاتك الخاصة، وطالما لا تؤثر على عملك، وفي نفس الوقت ليست غير لائقة. إلا أنه عندما تحفظ البيانات الشخصية على أجهزة العمل، تصبح ملكية هذه المعلومات مشوشة، على سبيل المثال، في حالة فقدانك وظيفتك، قد تُستبعد الأجهزة التي كنت تستخدمها، دون إمهالك الوقت اللازم لاسترجاع أي من بياناتك.

تأكد ما إذا كانت شركتك تراقبك أم لا

SPY-ON-YOU-IN-WORK-03

 

يجب الأخذ في الاعتبار أيضًا أن أي شيء تقوم به على كمبيوتر العمل، مثل فتح حساب البريد الإلكتروني الشخصي، قد يكون مُراقبًا وأخذت نسخة احتياطية منه. إذ يراقب أصحاب الأعمال البنية المعلوماتية لمنع إفشاء المعلومات السرية، ومنع الأنشطة الإجرامية، ومتابعة عدم الكفاءة. التكنولوجيا التي تسهل عملية المراقبة، مثل البرامج التي تستطيع أن تلتقط صور الشاشة لكل ما يقوم به الموظفون، تتطور طوال الوقت.

(  لا يوجد شيء آمن 100% على الإنترنت، تمامًا كما لا يوجد شيء آمن في «الواقع».)

يجب أن يكون مفهوم الرقابة مدرجًا ومحددًا في لائحة السياسات العامة، لذلك، اقرأ سياسة شركتك، وإن لم تجد أي شيء يتعلق بالخصوصية، فاسأل عنه.

فكر في تواجدك على مواقع التواصل الاجتماعي

SPY-ON-YOU-IN-WORK-04

 

غالبًا ما يختلط الخط الفاصل بين هويتنا الشخصية وهويتنا المهنية عندما يتعلق الأمر باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ليست هناك بالضرورة مشكلة في ذلك، لكن يجب أن تكون حريصًا على التفكير مليًا قبل أن تقول أي شيء على الإنترنت قد يوقع بك أو بصاحب عملك في المتاعب.

قد لا يكون موقع فيسبوك هو المكان الأمثل الذي تنفس فيه عن غضبك من زملائك الذين ضايقوك أثناء الاجتماع، خاصةً لو كان زملاؤك الآخرون في العمل أو رئيسك ضمن أصدقائك على الفيسبوك. وحتى لو حددت خصوصية حسابك على فيسبوك أو تويتر لكي لا يرى ما تقوم بنشره إلا بعض الحسابات، تذكر أن أي شيء تقوله على الإنترنت يمكن أن تؤخذ منه صورة شاشة، ومن ثم يُنشر على نطاق أوسع مما كنت ترغب.

يجب أن نضع في اعتبارنا أيضًا أن مجرمي الإنترنت يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لجمع المعلومات عن أهدافهم. أي إن المعلومات التي تنشرها على سبيل المثال في موقع لينكد إن، قد تستخدم في صياغة حساب بريد إلكتروني متصيد مقنع، لشن هجوم على صاحب عملك من خلالك.

تقوية كلمات السر

SPY-ON-YOU-IN-WORK-05

 

ستخدم كلمات سر قوية ومعقدة وفريدة، لكي لا يتمكن أحد من اختراقها بسهولة. تعد كلمات السر التي تتكون من جمل وتحتوي على مسافات بين الكلمات، أكثر أمنًا. جرِّب استخدام جملة من أغنيتك المفضلة لكل حسابٍ على حدة، وارفع مستوى التعقيد بوضع بعض الرموز الخاصة، والأحرف الكبيرة والصغيرة، والأرقام. حاول ألا تستخدم الأغاني المعروفة.

لا تستخدم كلمة مرور واحدة لكل حساباتك، فإذا ما اخترق أحدَها أحد مجرمي الإنترنت، سيتمكن بالطبع من اختراق  جميع حساباتك. قد تحتاج لمساعدة أحد برامج إدارة كلمات المرور، مثل LastPass أو Dashlane أو Keeper. إذ يقوم برنامج مدير كلمات المرور بتخزين تفاصيل دخولك على المواقع التي تستخدمها في قاعدة بيانات مشفرة، كل ما عليك تذكره، كلمة مرور واحدة رئيسية فقط. يقول بعض الناس إن هذه الطريقة غير آمنة، لأنها قد تخلق نقطة ضعف وحيدة، فإذا ما كسرت كلمة السر الرئيسية، اُختُرِقَت كافة كلمات السر الباقية. لكنك إذا أنشأت كلمة سر رئيسية قوية ومعقدة، فسيوفر لك مدير كلمات السر أمنًا أكثر بكثير مما إذا استخدمت كلمات سر بسيطة لحسابات كثيرة. لا يوجد شيء آمن 100% على الإنترنت، تمامًا كما لا يوجد شيء آمن في «الواقع»، فالحماية هي القيام بما هو ملائم للحد من المخاطر.

بمجرد انتهائك من وضع كلمات سر فريدة، لا تلقي بالًا لتغييرها إلا إذا ارتبت من شيء ما، أو علمت أن أحد حساباتك صار مستهدفًا. إذا أصر صاحب العمل على تغيير كلمات المرور بصفة دورية، قد ترغب في معرفة سبب عدم اتباعه آخر الإرشادات الحكومية في المملكة المتحدة، والتي تقول إن التغيير المتكرر لكلمات المرور يضع حملًا كبيرًا جدًا على عاتق المستخدمين، ويمكن أن يؤدي إلى وضع كلمات سر أكثر ضعفًا.

 

ضاعفْ إجراءات الأمان

SPY-ON-YOU-IN-WORK-06

أسس عنصرين للتأكد أو ما يعرف بـ(2FA)، والتي تعمل بمثابة طبقة مزدوجة لحماية حساباتك، وبالتالي لا تعتمد الحماية فقط على كلمات السر. يمكنك التعرف على الإرشادات المبسطة، خطوة بخطوة لإعداد 2FA على موقع

turnon2fa

احذر من الروابط والمرفقات، إذا ساورك الشك حول صحة بريد إلكتروني أو رسالة ما، استخدم وسيلة بديلة للتواصل مع المرسل، مثل الاتصال به عن طريق رقم تعرف مسبقًا أنه صحيح.

ليس هناك حل سريع لمسألة الحماية، لكن استثمار قدر ضئيل من الوقت والجهد باتباع تلك الخطوات، قد يوفر عليك الكثير من التوتر والمال.

 

مجانية التعليم العالي وإصلاح الهجرة يحققان المساواة

مجانية التعليم العالي وإصلاح الهجرة يحققان المساواة

مجانية التعليم العالي وإصلاح الهجرة يحققان المساواة

تأليف: بيرني ساندرز

في كتابه حديث الصدور، يحرص السياسي الأميركي المخضرم بيرني ساندرز على عرض وبلورة تجربته الحافلة التي امتدت مؤخراً على مدار الفترة 2015 2016، حين كان مرشحاً في سباق الرئاسة الأميركية.

وفيما يتابع مع قارئ الكتاب مراحل حملته الانتخابية التي استندت إلى طروحاته ومقترحاته، ومن ثم رؤيته كمرشح وسياسي، فقد ركز في الباب الثاني من الكتاب على الحديث عن تفاصيل رؤاه السياسية وتوجهاته الفكرية.

عندما أعلنوا عن اسمه، أثار الإعلان شبه عاصفة من الاستغراب مشوبة بالاستخفاف إن لم يكن الاستهجان: بيرني ساندرز مرشح الحزب الديمقراطي المنافس للمرشحة هيلاري كلينتون في سباق رئاسة الجمهورية الأميركية خلال السباق الرئاسي في موسم 2015 2016.

دارت التساؤلات أولا حول تأثير سن ساندرز الذي قارب الخامسة والسبعين، ودارت ثانياً حول تواضع شهرته كسياسي قادم من أرجاء ولاية فيرمونت شبه المجهولة، ثم دارت ثالثاً، وهذا هو الأهم، حول مضامين ونوعية الشعارات التي طرحها المرشح الذي اشتعل رأسه بشيب التجارب والسنين.

22مجانية التعليم العالي وإصلاح الهجرة يحققان المساواة

 

طروحات اشتراكية

سارع المراقبون السياسيون إلى وصف شعارات بيرني ساندرز بأنها طروحات اشتراكية وأفكار ودعوات لم يألفها المسرح السياسي من قبل في الولايات المتحدة، لا على ألْسنة الديمقراطيين بطبيعة الأحوال، ولا على ألسنة الجمهوريين.

لكن ساندرز خاض غمار المنافسة الانتخابية ضد هيلاري واستطاع أن يحوّل حملته الانتخابية ودعوته السياسية من خانة الهامشية على حد وصف ميديا الإعلام، إلى حيث ترسخت جذورها في أرضية الواقع الأميركي من الآن وحتى مراحل مقبلة من السنوات.

ثم ها هو يتحدث عن خلاصة هذه التجارب في كتابه الصادر في الأيام الختامية من العام الماضي وقد اختار له العنوان التالي: ثورتنا، كما اختار في تصدير الكتاب الشعار نفسه الذي كان معتمداً طوال حملته الانتخابية وهو: نحو مستقبل نؤمن به.

سحابات الانزواء

والحاصل أنه فيما تغلبت عليه هيلاري، ثم ما لبثت أن واجهت هزيمتها المعروفة على يد الرئيس (المستجّد) دونالد ترامب، ولدرجة باتت تؤذن في حالة كلينتون بسحابات الانزواء والغروب، إلا أن بيرني ساندرز مازال يمثل نموذجاً جديداً في مضمار الفكر والعمل السياسي في بلاده، بل يجسد،، قطباً جاذباً لأجيال الشباب الأميركي جيل الألفية أو الألفيين كما يسمونهم ممن لم تعد تجذبهم أو تقنعهم شعارات الساسة في بلادهم بما في ذلك رموز الحزبين الديمقراطي والجمهوري على السواء.

• كتاب ثورتنا يتألف من 16 فصلا يضمها بابان محوريان:

• الباب الأول (6 فصول) يسرد فيه مؤلفنا وقائع تجربته كمرشح رئاسي ثان كما قد نصفه عن الحزب الديمقراطي، ويحرص على تقصي جذور اهتماماته السياسية ما بين نشأته المتواضعة في بروكلين – نيويورك، وصولا إلى تنصيبه نائباً عن فيرمونت، الولاية المتواضعة، عضواً في الكونغرس ما بين مجلس النواب إلى مجلس الشيوخ.

وهنا أيضاً يؤكد الكتاب على أن مؤلفنا ظل متمسكاً على مدار هذه الصفات البرلمانية التي بدأت في عام 1990 ومازالت مستمرة حتى الآن بصفته كسياسي مستقل فكراً ومبادئ وتوجهات.

أما الباب الثاني من هذا الكتاب (10 فصول) فيبسط فيه بيرني ساندرز تفاصيل منهجه العقائدي ورؤاه السياسية ما بين تأكيده على ضرورة التصدي للأقلية (الاليغاركية) المسيطرة على الحياة السياسية في أميركا، وهو ما أدى في تصوره إلى تراجع موقع الطبقة الوسطى، إلى ضرورات إصلاح أوجه الخلل في الاقتصاد، وتعميم خدمات الرعاية الصحية لصالح الجميع.

ومكافحة تغيرات المناخ (الكوكبي) والمبادرة من الآن فصاعداً كما يؤكد المؤلف إلى إصلاح قوانين الهجرة فضلا عن وقوف الدولة المؤسسة السياسية ودوائر النظام الحاكم في واشنطن إلى جانب أشد طبقات المجتمع الاميركي تواضعاً واستضعافاً.

قناعة

نلاحظ في السياق نفسه، أن المؤلف يُولي أهمية خاصة لقضية إصلاح التعليم العالي، ومن ثم جعله متاحاً لجميع مستحقيه من أفراد الشعب الأميركي. وهو يصدر في هذا الإطار بالذات عن قناعته العميقة التي يعبر عنها على النحو التالي: في القرن 21 لم يعُد نظام التعليم العام من الروضة إلى المدرسة الثانوية صالحاً بما فيه الكفاية.

فالعالم يتغير والتكنولوجيا تتغير وكذلك الاقتصاد. وإذا ما كان لنا (الأميركيون طبعاً) أن ننجح في غمار الاقتصاد العولمي التنافسي وبحيث تتوافر لدينا أفضل قوة عمل في العالم، فلابد أن يصبح التعليم مجانياً على مستوى الكليات والجامعات الحكومية.

عن التعليم والمساواة

ثم يعاود المؤلف التأكيد على الربط بين عنصر التعليم (ومجانيته)، وبين سبل تحقيق العدل الاجتماعي والمساواة بين طبقات وفئات المجتمع، ويضيف قائلا: المشكلة أنه مع ارتفاع نفقات التعليم إلى حد لم تعد تطيقه الأسر العاملة بكل ما تحمله على كاهلها من ديون، إذا بالتعليم العالي (بالجامعات والمعاهد الاختصاصية العليا) وقد أدى إلى تفاقم حالة اللامساواة الاجتماعية بدلا من تخفيف وطأتها.

وقبل أن يصل مؤلفنا إلى خاتمة هذا الكتاب يطالب في الفصل الثامن بإصلاح نظام هجرة الوافدين إلى أرض الولايات المتحدة.

 

عرض ومناقشة: محمد الخولي

 

 

«الرأسمالية» في غرفة الإنعاش

العملية الديمقراطية تواجه خطراً كبيراً في العالم

«الرأسمالية» في غرفة الإنعاش

«الرأسمالية» في غرفة الإنعاش

 

 

تأليف: فولفغانغ ستريك – 
بعد سنوات من اعتلال صحة الرأسمالية، تعيش الآن في حالة حرجة جداً، وتسبب إشكاليات كبرى في النظام السياسي العالمي، الذي لا يمكن أن يكون منفصلاً عن أي أزمات اقتصادية حاصلة، وحروب تخاص باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان. هذا النظام الرأسمالي خلق الحروب، والمجاعات، وفرض حالة كبيرة من عدم المساواة، وعدم الاستقرار الاجتماعي، لخدمة مصالح فئة قليلة متحكمة. الشعوب لم تعد تثق بهذا النظام، لكن متى سينتهي؟ وما هو البديل له؟
يحاول المحلل الألماني البارز فولفغانغ ستريك في عمله الجديد «كيف ستنتهي الرأسمالية؟ مقالات حول نظام فاشل» (صادر أواخر 2016 عن دار «فيرسو» البريطانية في 259 صفحة من القطع المتوسط)، أن يوضح أن العالم على وشك أن يتغير. فالزواج بين الديمقراطية والرأسمالية يقترب من نهايته، بسبب دفعه إلى لم شمل شركاء غير ملائمين معاً في ظل الحرب العالمية الثانية. فالمؤسسات التنظيمية التي قيدت ذات مرة تجاوزات القطاع المالي قد انهارت، وبعد الانتصار النهائي للرأسمالية في نهاية الحرب الباردة، ليس هناك من قوة سياسية قادرة على دحر تحرير الأسواق.
ويشير إلى أن عالمنا أصبح عالماً يعيش تحت رحمة انخفاض النمو، وحكم القلة، وتقلص القطاع العام، والفساد المؤسسي، والفوضى الدولية، وليس من علاج شافٍ في متناول اليد لهذه الأمراض الخطيرة التي تخلف الحروب بين الشعوب والدول، وتترك كوارث بيئية وسياسية واقتصادية واجتماعية في كافة الأرجاء.
وقد أوضح هذا في العام 2014، عند نشره لمقال مهم في عام 2014 في مجلة «نيو ليفت»، حيث أوضح فيه كيف أن الرأسمالية وصلت إلى نهايتها، وذلك من خلال مناقشة العديد من العوامل التي دفعت إلى ذلك. وذكر فيه أن الرأسمالية المعاصرة وصلت لهذه النقطة بسبب خمسة عوامل هي: انخفاض النمو، حكم الأوليغارشية، وتجويع الجمهور العام، والفساد السياسي، والفوضى الدولية. وأكد في مقاله، أنه في الوقت الحاضر لا توجد قوة سياسة فعلية لمواجهتها، وسوف تستمر في التراجع والضمور حتى تصل إلى نقطة الانتهاء. ووسع أفكاره حول هذا الموضوع في هذا العمل الذي بين يدينا.
يأتي العمل في 11 فصلاً بعد المقدمة هي بالترتيب: كيف ستنتهي الرأسمالية؟، أزمات الرأسمالية الديمقراطية، المواطنون كعملاء: آراء حول السياسة الجديدة للاستهلاك، صعود حالة التماسك الأوروبية، الأسواق والناس: الرأسمالية الديمقراطية والتلاحم الأوروبي، هيلر وشميت واليورو، لماذا يقسم اليورو أوروبا؟ تعليقات على البروفسور وولفغانغ ميركل: هل الرأسمالية متوافقة مع الديمقراطية؟، كيف تدرس الرأسمالية المعاصرة؟، عن البروفسور الأمريكي فريد بلوك: مجموعة منوعة من ماذا؟ هل ينبغي علينا اللجوء إلى استخدام مبدأ الرسمالية؟، والفصل الحادي عشر: مهمة علم الاجتماع العامة.

صراعات وتناقضات

سبق للكاتب أن نشر بعض فصول العمل، خمسة منها في مجلة «نيوليفت» بين 2011 و2015، وكتب فصلين أساساً باللغة الألمانية، والباقي باللغة الإنجليزية. وعمله هذا يدخل في التحليل السياسي الاقتصادي، الذي يجدهما مترابطين في تناول مسألة كبيرة مثل الرأسمالية، خاصة عند تناول عواقب الأزمة المالية في 2008 على العلوم الاجتماعية والنظرية السوسيولوجية، والسوسيولوجيا السياسية وعلاقتها مع الاقتصاد السياسي. ويعلق الكاتب في تمهيده على ما بذله من جهد: «هدف الكتاب هو إثارة المزيد من التفكير حول كيف سيصل النظام الرأسمالي إلى نهايته في المستقبل، حتى وإن لم يكن له من دون بديل في الأفق».
يبدأ الكاتب مقدمته بالقول إن الرأسمالية كانت على الدوام تكويناً اجتماعياً غير محتمل، فهي مليئة بالتناقضات والصراعات، بالتالي فهي بشكل دائم غير مستقرة، وفي حالة تغير مستمر، وتقوم بالدعم على أسس مشروطة وغير ثابتة، بالإضافة إلى فرضها تقييدات على المؤسسات والأنشطة.
ويشير إلى أن الرأسمالية تقدم وعوداً بنمو غير محدود للثروة المادية السلعية في عالم محدود، وذلك من خلال ضم نفسها إلى عالم التكنولوجيا والعلوم الحديثة، لتجعل من المجتمع الرأسمالي المجتمع الصناعي الأول، ومن خلال التوسع اللانهائي للأسواق الحرة الخطرة.
ويتطرق إلى التوترات والتناقضات ضمن الترتيب الاقتصادي السياسي الرأسمالي، والتي تؤدي منذ الآن إلى احتمالية الانهيار الهيكلي والأزمة الاجتماعية. ويقول: «إن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي تحت الرأسمالية الحديثة يجب أن يكون مؤمناً على خلفية قلق منتظم تنتجه التنافسية والتوسع، وهو سلوك توازني صعب مع نتيجة غير مؤكدة على الدوام».

الافتقاد إلى المركز

يشير الكاتب إلى أن الرأسمالية العالمية تحتاج إلى مركز لتأمين المنطقة المحيطة بها وتزويدها بنظام نقدي موثوق. فحتى سنوات 1920، كانت بريطانيا تقوم بهذا الدور، ومنذ العام 1945 وحتى 1970 تكفلت به الولايات المتحدة؛ وشهدت السنوات بين هذين الانتقالين، التي كان فيها المركز في عداد المفقودين، وكانت قوى مختلفة تتطلع لتضطلع بهذا الدور، فترة من الفوضى السياسية والاقتصادية على المستوى العالمي. ويؤكد أن العلاقات المستقرة بين عملات الدول المشاركة في الاقتصاد الرأسمالي العالمي ضرورية لتدفقات التجارة ورأس المال عبر الحدود الوطنية، والتي هي بدورها أساسية لتراكم رأس المال؛ وهي تحتاج إلى ضامن مصرفي على المستوى العالمي يعتبر ملاذاً أخيراً. كما أن مركزاً فعالاً أيضاً مطلوب لدعم الأنظمة في المحيط الراغبة في التغاضي عن استخراج المواد الخام بكلفة منخفضة. وعلاوة على ذلك، هناك حاجة إلى التعاون المحلي لكبح جماح المعارضة التقليدية للاستعمار الرأسمالي خارج العالم المتقدم.

فوضى عالمية

ويذكر الكاتب أن الرأسمالية المعاصرة تعاني على نحو متزايد الفوضى العالمية، حيث إن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدورها الذي أدته بعد الحرب العالمية الثانية، وليس هناك من نظام عالمي متعدد الأقطاب يلوح في الأفق. ورغم أنه لم تقع اشتباكات بين القوى العظمى، ولكن يتم التنازع على وظيفة الدولار كعملة احتياط دولية، ولا يمكن أن يكون غير ذلك، نظراً لتدهور أداء الاقتصاد الأمريكي، وارتفاع مستويات الدين العام والخاص، والتجربة الأخيرة للعديد من الأزمات المالية المدمرة للغاية.
أما مسألة البحث عن بديل دولي، وربما في شكل سلة عملات، أمر صعب لأن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تثقل كاهلها بالديون عبر عملتها. وعلاوة على ذلك، قامت منظمات دولية باتخاذ تدابير لتحقيق الاستقرار بناء على طلب واشنطن على نحو متزايد، لكنها خلفت آثاراً زعزعت استقرار الدول التي على هامش النظام، كما هو الحال بالنسبة للفقاعات التضخمية في دول مثل البرازيل وتركيا.
عسكرياً، الولايات المتحدة خاضت حتى الآن ثلاث حروب برية واسعة إما هزمت فيها أو وصلت إلى طريق مسدود منذ 1970، وربما تكون في المستقبل أكثر تردداً في التدخل في الصراعات المحلية مع «قوات على الأرض»، إذ يتوقع الكاتب أن تقدم على نشر وسائل متطورة جديدة من العنف لطمأنة الحكومات المتعاونة معها، وخلق حالة من إرساء الثقة في الولايات المتحدة باعتبارها التي تفرض القوانين العالمية المتعلقة بحقوق ملكية القلة، وكملاذ آمن للعائلات الأوليغارشية وثرواتهم.

ويقول الكاتب أيضاً: «ربما تلجأ من ضمن ما تلجأ إليه الولايات المتحدة إلى استخدام «القوات الخاصة» السرية للغاية للبحث عن أعداء محتملين. واستخدام طائرات من دون طيار أكثر تطوراً قادرة على قتل أي شخص في أي مكان تقريباً في العالم. والقيام بحبس وتعذيب عدد غير معروف من الناس في جميع أنحاء العالم عبر نظام معسكرات اعتقال سرية. وتقوم بمراقبة شاملة لأية معارضة محتملة في كل مكان بمساعدة تكنولوجيا «البيانات الكبيرة». وإذا كان هذا كافياً لاستعادة النظام العالمي، خاصة في ظل صعود الصين باعتبارها قوة اقتصادية مؤثرة، وإلى حد أقل، منافساً عسكرياً للولايات المتحدة، لكن مع ذلك، ينطوي الأمر على شك.

مشكلة مع الديمقراطية

يشير الكاتب إلى أنه عند مناقشة الأزمة ومستقبل الرأسمالية الحديثة، يجب أن نتحول إلى تناول السياسة الديمقراطية. إذ كانت الرأسمالية والديمقراطية على خصومة لفترة طويلة، حتى بدا أن تسوية ما بعد الحرب قد قامت بالمصالحة بينهما. في القرن العشرين، كان أصحاب رؤوس الأموال مذعورين من أن تلغي القوانين الديمقراطية الملكية الخاصة، في حين توقع العمال ومنظماتهم من الرأسماليين أن يمولوا العودة إلى الحكم الاستبدادي للدفاع عن امتيازاتهم.
ويذكر أنه فقط في فترة ما بعد الحرب الباردة أصبحت الرأسمالية والديمقراطية متماشيين مع بعضهما بعضا، والتقدم الاقتصادي جعل أغلبية الطبقة العاملة تقبل بالسوق الحرة، ونظام الملكية الخاصة، وهذا بدوره جعل هذه الحرية الديمقراطية تبدو وكأنها جزء لا يتجزأ من حرية الأسواق والربح، وتعتمد في الواقع عليها. لكنه يؤكد أنه «اليوم، مع ذلك، فقد عادت الشكوك بقوة حول مدى التوافق بين الاقتصاد الرأسمالي مع نظام الحكم الديمقراطي. إذ إن هناك شعورا سائدا بين الناس العاديين، بأن السياسة لم تعد قادرة على أن تحدث فرقاً يذكر في حياتهم، خاصة أمام حالة الجمود وعدم الكفاءة والفساد المتزايد بين الطبقة السياسية التي تقوم بخدمة مصالحها، وتتحد في ادعائها بأنه «ليس هناك بديل» لها ولسياساتها. وإحدى النتائج التي نراها هي انخفاض الإقبال الانتخابي إلى جانب تقلب الناخبين العالي، وإنتاج أكبر قدر من التجزئة الانتخابية، وذلك بسبب صعود الأحزاب «الشعبوية»، وعدم استقرار الحكومات السائدة».
ويقول الكاتب أن شرعية الديمقراطية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كانت على أساس فرضية أن الدول لديها القدرة على التدخل في الأسواق وتصحيح نتائجها في مصلحة المواطنين, لكن عقودا من تزايد عدم المساواة ألقى ظلالاً من الشك على هذا، وكذلك عجز الحكومات قبل وأثناء وبعد أزمة عام 2008.
ويعلق: «الموضوع الرئيسي من الخطاب المعادي للديمقراطية الحالي هو الأزمة المالية للدولة المعاصرة، كما يتجلى في الزيادة المذهلة في الدين العام منذ سنوات السبعينات من القرن الماضي»، ويضيف: «يتم زيادة المديونية العامة بهدف الوصول إلى الأغلبية الانتخابية، ونجد السياسيين الانتهازيين يشترون تأييد الناخبين قصيري النظر بالأموال التي لم تكن لهم يوماً من الأيام».
يجد الكاتب في خاتمة عمله أن العملية الديمقراطية تواجه خطرا كبيرا في العالم، بسبب الفوضى السياسية التي ترتبط ارتباط وثيقاً بالأزمات الاقتصادية التي تخلفها الرأسمالية على حساب الفقراء والبسطاء في العالم، ومما يقوله: «عند هذه النقطة، يبدو واضحاً أن الإدارة السياسية للرأسمالية الديمقراطية قد تراجعت بشكل حاد في السنوات الأخيرة، وفي بعض البلدان أكثر من غيرها، ولكن بشكل عام أيضاً، في النظام السياسي والاقتصادي العالمي الناشئ. ونتيجة لذلك يبدو أن المخاطر في تزايد مستمر، سواء على صعيد الديمقراطية أو الاقتصاد».

نبذة عن المؤلف

فولفغانغ ستريك أستاذ جامعي ومحلل سياسي واقتصادي ألماني من مواليد 1946. مدير معهد «ماكس بلانك للبحوث الاجتماعية في كولونيا، وأستاذ علم الاجتماع» في جامعة كولونيا. وهو عضو فخري في جمعية تقدم الاقتصادات الاجتماعية، وعضو في أكاديمية برلين براندنبورغ للعلوم، فضلاً عن أكاديمية يوروبايا. تركز أبحاثه على تحليل الاقتصاد السياسي للرأسمالية. وقد كتب على نطاق واسع في الاقتصاد السياسي الألماني، ومؤخراً كتب عن سياسة التقشف وتأثيرها في سياسات الاتحاد الأوروبي، وصعود ما أسماه بدولة الديون نتيجة الثورة الليبرالية الجديدة من سنوات الثمانينات، ومستقبل الاتحاد الأوروبي الذي يشهد تخبطاً في سياساته، وله العديد من المؤلفات منها: «شراء الوقت: تأخر أزمة الرأسمالية الديمقراطية».

عرض وترجمة:نضال إبراهيم