هل أصبحت الأجهزة الذكية حقاً أساسياً لأطفالنا؟

الاجهزة الذكية

وضع ضوابط من قبل الأهل يقلل مخاطرها

هل أصبحت الأجهزة الذكية حقاً أساسياً لأطفالنا؟

الهواتف حوّلت الأطفال إلى الجيل الأكثر جرأة في التاريخ
بإمكان الأهل استعادة السيطرة على أبنائهم رغم هيمنتها
التكنولوجيا التي تحتويها سرقت الأبناء من ذويهم
إدمان الشاشات ينشئ أشخاصاً سلبيين وجدليين
الهواتف الذكية منحت الأطفال القوّة لكن لا بدّ من المراقبة
"تانيت كاري" أمٌّ لفتاتين وكاتبة بريطانيّة ألّفت سبعة كتب حقّقت أعلى المبيعات؛ لأنّها تناولت فيها قضايا مُلحّة في مُحيط العائلة. وفي هذا الموضوع الذي نشرته صحيفة الديلي إكسبريس البريطانيّة، تسلّط الضوء كأمٍّ وكاتبة، على مسألة من الأهمية بمكان، وهي كيف يمكن للآباء والأمّهات البدء باستعادة بعض السيطرة على أبنائهم في ظلّ هيمنة واضحة للأجهزة الذكية على حياتنا بشكل عام.

تقول الكاتبة" كاري": كانت ابنتي "كليو"،11 عاماً، تضع يديها على خاصرتها، حينما باغتتني بنظرة تحدٍّ مطلقة، فقلت لنفسي من أكون حتى أوقفها، خصوصاً أنّها أرادت تحميل تطبيق جديد على آيفونها.. وقد حاولت أن أوضّح لها أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ ينطوي على مخاطر كبيرة إلا أنّني لم أجد تجاوباً منها. وحتّى حينما أخبرتها بأنّه يمكن لهذه الأجهزة أن تُستخدم في إرسال صور غير مُحترمة، أو أنّها وسائل غير آمنة، كل ذلك ذهب أدراج الرياح، ولم أستطع الوصول لشيء معها لكي تغيّر موقفها.

من الواضح أنّ الأمّ والكاتبة "كاري" تصرّ على أن تعمل الأسر ما بوسعها لوضع ضوابط على استخدام هذه الأجهزة لكن دون تجاهل خلق أطفال بشخصيات قويّة تستطيع مُمارسة حقوقها في مُجتمع يوجد فيه من لا يرحم.

حقّ أساسيّ

بعد خمس دقائق من الحوار المُحتدم مع كليو، لم تتوقف فيه عن التعبير عن غضبها بأنفاس عالية مسموعة، صرخت "كليو" قائلة إن جميع آباء صديقاتها يسمحون لهن بتحميل البرامج. وحينما كنت أراقب خطبة ابنتي أدهشتني بأجواء الدفاع عن رأيها واستحقاقها المطلق، كان من الواضح أنها توصلت لاعتقاد بأن امتلاكها للهاتف الذكي هو حقّ أساسيّ من حقوق الإنسان.

وبالنسبة لـ"كليو"، فإنّه لو تمّت الإشارة إلى خلاف ذلك فقد تنظر إليه كانتهاك لمُعاملة الأطفال. ولكن الأهمّ من ذلك كله فقد دُهشت، من أنه في الوقت الذي انتبه مجتمعنا إلى تأثيرات هذه الأدوات الذكية على الأطفال في الجوانب الجسدية كالإضرار التي تلحقها ببصرهم، والحد من لعبهم في الهواء الطلق، وأنها سبب رئيسي بزيادة مُعدّلات السمنة، حتى الآن لم نعترف بالتغيير الأكثر وضوحاً على الجميع، وهو أنها تحول أطفالنا ليكونوا الجيل الأكثر جرأة في التاريخ، حيث لا توجد ذرة احترام للكبار.

كلّ شيء بالأجهزة الذكية

ولا ننسى أيضاً أن العمر الذي بات يحصل فيه الأطفال على هذه الأدوات ما زال مُستمراً بالانخفاض، فقبل بضع سنوات كان عدد من يمتلك هاتفاً وهو في العاشرة، قليلاً، ربما الآن يمتلكه كثيرون ممن هم في سنّ الخامسة. كما أصبح أولادنا لا يعرفون أن هناك لحظة لا يكون فيها العالم كله في كفّ أيديهم.

في هذا الكون الافتراضي أصبحوا لا يحتاجون إلى استئذان الوالدين للقيام بأي شيء. ففي الوقت الذي كانوا فيه مجرد أن ينظروا للسماء يلتفتون إلينا، ويتساءلون: "ماما، لماذا السماء زرقاء؟" أصبح الآن يطلبون خدمات المعلومات للإجابة عن أسئلتهم عبر الصوت كما هو الحال مع تطبيق سيري الكثير التداول حالياً. كما أن انتشار بنوك الخدمات على الإنترنت، يجعل الآباء يدفعون مصروف الجيب، وهذا يعني أن الأطفال لم يعد ينتظرون للحصول على ما يريدون، بل يمكنهم شراء ما يريدون على الإنترنت.

منبر للتمرّد

علاوة على ذلك، أصبحت هواتفهم عبارة عن أنظمة ترفيه "كل في واحد"، حيث يمكن أن يحصلوا على ما يريدون من ترفيه عبر لمس زر التحكم في الصوت. كما أصبحت تمنحهم وسائل التواصل الاجتماعيّ منبراً للقيام بالشكوى من أي شيء، مُوضحين مدى صعوبة ما قاموا به.

ومع كل موعد يحين فيه الاحتفال بعيد الميلاد يمتلئ تويتر بشكاوى الألفاظ النابية من المراهقين الناقمين لأنهم لم يحصلوا على جهاز ذكي من اختيارهم تحت شجرة الزينة. وقد اشتكت فتاة لم تحصل على هدية مقنعة، قائلة: يا للعجب، كل ما حصلت عليه بعيد الميلاد كانت بطاقة تهنئة وعطوراً ونعالاً، إن أمي تعاني من مشكلة ما في تقديم الهدايا. وبالتالي فإن وسائل التواصل منبر للتمرّد.

قلة احترام

يقول عالم النفس الدكتور ليونارد ساكس إنه في غضون الـ 15 سنة كان هناك انخفاض ملحوظ باحترام الأطفال للبالغين. ويعتقد أن الآباء والأمهات يواجهون في الوقت الحالي "أزمة السلطة".

وقد ألف كتابه الجديد الذي حمل عنوان "انهيار الأبوة والأمومة" بعد أن شاهد صبياً عمره 10 سنوات يجلس ويلعب لعبة على هاتفه المحمول في غرفة الانتظار، حيث يتهيأ لإجراء جراحة له. وبينما كانت الأم تصف أعراض الصبي المرضية قال لها: اخرسي يا أمي، أنت لا تعرفين ما الذي تتحدثين عنه، لقد كان هذا أمراً غير عادي جداً في عام 1990 أو 2000. ومع ذلك، فإنه من الشائع الآن بالنسبة للأطفال والفتيات والفتيان، أن يكونوا عديمي الاحترام للوالدين، سواء لفظياً أو غير ذلك.

 موقف الآباء

ولكن في الوقت الذي استسلم فيه كثير من الآباء لحتمية الهواتف الذكية كنت (كأمّ) مُصممة على أنّ هذه السفينة لن تبحر في بيتي. لذا اتجهت إلى اختصاصية الأبوة والأمومة نويل جانيس-نورتون، مؤلفة كتاب" أكثر هدوء وسهولة وسعادة مع وقت للشاشة". وتقول الكاتبة نويل أصبح التعامل مع الأطفال والمُراهقين أكثر صعوبة؛ لأن معظمهم الآن لديهم مستوى معين من الإدمان على الشاشة التي يمكن أن تؤدي إلى تحولهم لأشخاص "متجهمين، وغير متعاونين وجدليين".

وقالت إنها مرت عبر أطفال من جميع الخلفيات ركلوا وضربوا آباءهم لإصرارهم على أن الوقت قد حان لإيقاف الأجهزة. وتقول نويل: إنهم يرون الآباء والأمهات أقل من أن يستحقوا الاحترام؛ لأن الإدمان أصبح الشيء المهم، وأن الدماغ يحتاج للمزيد من النشاط الإدماني، لذا فإنّ الأطفال سيجادلون ويلحون ويكذبون للحصول على مُبتغاهم. وتدعو نويل الآباء والأمهات لتولي المسؤولية واستعادة الهواتف، وذلك باستخدام وقت الشاشة كمكافأة يحصل عليها الأولاد. وتضيف نويل: إذا توجب على أطفالنا أن يعملوا للحصول على وقت الشاشة الخاص بهم فأنهم سيحترمون أجهزتهم، كما سيحترمونك.

الضوابط تأتي بنتائج كبيرة

في اليوم التالي أخذت ورقة من كتاب نويل وقلت لابنتي كليو، من الآن فصاعداً لن تحصل إلا على ساعة يومياً كوقت شاشة، وأنها ستضطر للعمل لكي تحصل على ذلك. وسيكون لدينا منطقة صمت للأسرة في الردهة، حيث يقوم الجميع، بما في ذلك الكبار، بترك هواتفهم بمجرد أن يدخلوا البيت.

وبعد ذلك قمت باختيار أربعة أنواع من السلوكيات وطلبت من كليو أن تغيرها، بما في ذلك التحدث بأدب وإكمال فروضها بسرعة. وبالتالي يمكنها كسب 15 دقيقة من وقت الفراغ على هاتفها لكل سلوك جيد، أي ما مجموعه 60 دقيقة. وكما توقعت نويل، لقد أغضب ذلك كليو في البداية، واشتكت بأنه لا تعرف أحداً مُورست عليه هذه الحدود الصارمة.

وتمسكت كأمّ بمطالبي لعلمي بأنها تستحق ذلك لأجل استعادة ابنتي إلى السلوك القويم الذي كانت عليه ذات يوم، لاسيما أنني أعرف طبيعتها كطفلة جذابة ومجدة. وفي هذا الصدد تقول نويل: عندما تفرض قيوداً على الأطفال والمراهقين ابتسم أكثر، لأن ذلك يؤمن أفضل اتصال بواسطة العين ويهيئ الانخراط بمحادثات أكثر إثارة للاهتمام. وتضيف: إنهم ينامون أفضل عندما لا يستخدمون أجهزتهم قبل النوم، وسينهضون بسرعة وبحالة مزاجية أفضل صباحاً، وهذا يعني مشاجرات أقلّ.

وفي الواقع، مع بدء سريان الضوابط أصبحت كليو أكثر سعادة وأقل حدّة في تعاملها وأقلّ انزعاجاً مما يقوله أصدقاؤها على وسائل التواصل الاجتماعي. وبدأت أيضاً تفعل أشياء أخرى، مثل النزول من غرفتها وتناول العشاء من تلقاء نفسها بدلاً من اختلاق الحجج. والملاحظ أن ثمة علاقة جديدة أفضل نشأت مما اعتدنا عليه، وهذا دليل على أنه رغم أن الهواتف الذكية وجدت لتبقى، فنحن كآباء وأمهات يجب ألا نستسلم للوقاحة وقلة الانضباط والشقاوة قبل كل شيء.

 

ترجمة – كريم المالكي

إنسانية المصالح!

انسانية المصالح

 

الأيام دول وتدور على الجميع الصغير والكبير وجميع الكائنات، هذه الأيام ودورانها.. تعز من تشاء وتذل من تشاء.. وترسم بحروف القدر أوضاع ومواقف وسيناريوهات لم تخطر على عقل بشر!
يوم يملك الإنسان سلطة ونفوذ ومسؤولية وهي دون شك اختبار وامتحان لكرسي وقلم لا يملكه غيره ممن معه، وبين يوم وليلة تسحب السلطة والنفوذ وملكية اتخاذ القرارات لتذهب لغيره ويكون اسما في سجل التاريخ بخيره وشره!!
يعود ذلك الإنسان، دون مسؤولية اتخاذ القرار والنفوذ والقدرة على الوصول لكافة الأبواب المشرعة!!
تتوارى كل الأصوات والوجوه والابتسامات والمجاملات والأقنعة بعيدا كحلم وسراب.. إلى أن يختفوا تدريجيا ولا يكون لهم وجود ومكان ولا ذكرى إلا ما حملته تلك الأيام من وجودهم ورحيلهم!!
لا يعي الإنسان الدروس والتجارب التي تقع لغيره، لا يعي معنى أنه اليوم موجود ومتحرك على هذه الأرض الدوارة.. وفي الواجهة والإعلام مع الامتيازات والاستثناءات والاهتمام والشهرة وغيره من مزايا.. وبين ليلة وضحاها يصبح تاريخا واسما عبر ذلك الطريق والمكان واسمه يشغل بال البشر ليكون بعدها بدهاليز النسيان!!
لا يعي الإنسان أن الله سبحانه وتعالى عندما يختاره لوظيفة وعمل ومنصب ومكان وكرسي وقلم..فقد اختاره لينفع غيره من الناس لا أن يكون سكينا حادا يؤلم بقراراته وكلماته وتصرفاته!
لا يعي الإنسان حقائق كثيرة تحدث حوله في ظل بهرجة وزينة وصيت منصب وأضواء مكان وضحكات والتفات وحضور بشر بأشكال أقنعة ونفاق!!
تغيب معاني الإنسانية عن بعض العقول والقلوب، ولا تعرف معنى الوفاء ومعنى التواصل ومعنى أثر قول كلمة طيبة.. في موقف أثر الكلمة يفوق كثيرا من المواقف والدواء! يبخلون بمفردات ينطقونها أو يكتبونها أو حتى يرسلونها أو بنيات طيبة يرسلونها للسماء!!
عندما تغيب المصالح تغيب معها الإنسانية ومعنى التواصل في كل أشكال العلاقات.. قرابة، زمالة، عمل وصداقة تقف حدود مفرداتها ومعانيها عند وجود المصلحة!!
عقول بعض البشر تقف عند حدود مصلحتها لا تحاول أن تتجاوز بفكرها وقراراتها لما فيه مصلحة الآخر! للأسف يطغى الحسد والغيرة والحقد والقيل والقال ليصبغ كثيرا من العلاقات والقرارات وتشكيل العلاقات!! تغيب المهنية والإنسانية والبحث الحقيقي والموضوعي بعيدا عن الأهواء والأمزجة في رسم العلاقة وإنصاف الغير!!
وجوه تكون قريبة وبينها ميثاق ثقة وأمانة.. وفجأة تمزق تلك المواثيق وتنثرها بعيدا دون سبب واضح ومنطقي إلا بسبب الفتنه والنميمة ونقل الكلام!!
تمر بالإنسان ظروف ومواقف عديدة.. تتفاوت بين ظروف خارجة عن إرادته قضاء وقدرا ويكون لها التسليم والرضا والصبر لأنها اختبار وابتلاء من الله سبحانه وتعالى، ومواقف وظروف بسبب غيره وتدبيرهم وهو الظلم.. وظلم الإنسان للإنسان!! ينسى ذلك الإنسان المتسلح بقوة هشة زائلة تسمح له بظلم العباد أن رب العباد عينه لا تنام يرى ويسمع ويعلم ما لا نعلم.. وهو شديد الانتقام..
آخر جرة قلم: كل من عليها فان.. ولن نحمل معنا مالا ولا جاها ولا منصبا ولا ذرة من تراب إلا العمل الصالح والخلق الحسن والكلمة الطيبة التي تملأ الميزان وما يسبقنا من كتاب.. سجل فيه صغير وكبير تحركنا وعملنا وقولنا والأهم ما حملته نياتنا.
نسأل الله أن نحمل كتابنا باليمين.. ولا يكون لنا حقوق للغير بظلم بسيط بسلب حرف وقلم لا أن يكون بظلم سلب حقوق وغياب رحمة وخلق وتعامل وغياب معنى الإنسانية وقول كلمة حق وإنصاف الغير.
الإحساس بالغير وتقدير ظروفهم نعمة ومعنى كبير لا يصدر إلا من قلب كبير ورحمة من الله يسكنها قلوب من يشاء من عباده، من غابت الرحمة من قلوبهم والإحساس بالغير عن مشاعرهم ليتفقدوا أين ذهبت قلوبهم ولما ران عليها بقسوة وظلم في زحمة انشغالهم!
ليتفقدوا ضمائرهم أين غابت تحت أسنة الأقلام أو بين الملفات وتراكم الأوراق أو غابت في الأدراج وزحمة الوجوه والناس!.

بقلم : سلوى الملا

المال الأسود

المال الأسود

 

تتكرر الكثير من الأسئلة عن حالات عدم المساواة في الولايات المتحدة، والفئات المتحكمة التي تؤثر في الكثير من القرارات السياسية الأمريكية. يحاول هذا العمل تحليل ذلك عبر تناول الواقع السياسي الأمريكي الفاسد، وكيفية إنفاق المال السياسي وتأثيره في مستقبل الديمقراطية الأمريكية التي باتت على المحك فيما يبدو، ويقف عند ما يحدث من وراء الكواليس في العمليات الانتخابية بالولايات المتحدة، وكيفية تشكل تحالفات اقتصادية سياسية في الخفاء، تهدف إلى الحفاظ على مصالح قلة من المتنفذين، وكيفية دعم صعود اليمين المتطرف على حساب القيم الأمريكية.
لماذا تعيش الولايات المتحدة الأمريكية في عصر من عدم المساواة الاقتصادية العميقة؟ وعلى الرغم من الحاجة الماسة للتصدي لقضية تغير المناخ، لماذا نجد جهود الناشطين البيئيين المتواضعة قد تعرضت لنكسات مراراً وتكراراً؟ لماذا لم يعد هناك من حماية للموظفين؟ لماذا يدفع أصحاب المليارات ضرائب أقل بكثير من العاملين من الطبقة الوسطى؟ الجواب التقليدي هو أن انتفاضة شعبية ضد «الحكومة الكبيرة» أدت إلى صعود حركة محافظة ذات قاعدة عريضة، ولكن تظهر الكاتبة والصحفية الاستقصائية جين ماير في هذا السرد التاريخي، شبكة من الأشخاص بالغي الثراء لهم وجهات نظر تحررية متطرفة يموّلون خطة ممنهجة خطوة بخطوة لإحداث تغيير جذري في النظام السياسي الأمريكي.
تعتقد هذه الشبكة التي تتكون من أغنى الناس على هذا الكوكب، بشكل راسخ أن الضرائب هي شكل من أشكال الاستبداد، وأن الرقابة الحكومية على الأعمال التجارية هي عملية اعتداء على الحريات. وهذا الاعتقاد نشأ عن الدور الحكومي في وجه المصالح الشخصية لهم ومصالح شركاتهم، خاصة أن العديد من هذه الشركات تعمل بشكل يتناقض مع قوانين التلوث الاتحادي، وتخالف القوانين المتعلقة بسلامة العمال، والأوراق المالية، وقوانين الضرائب وغيرها.

فلسفة سياسية

الشخصيتان الرئيسيتان في الشبكة، هما الأخوان تشارلز وديفيد كوك، ابنا المهندس الكيميائي ورجل الأعمال الأمريكي فريد سي. كوك (1900-1967) مؤسس شركة «صناعات كوك» الذي جمع ثروته بشكل جزئي من بناء مصافي تكرير النفط في روسيا زمن ستالين وألمانيا أثناء حكم هتلر. وكان فريد كوك في وقت لاحق من الأعضاء المؤسسين لجمعية «بيرش جون» التي اتسمت بأنها يمينية راديكالية معادية للشيوعية، لدرجة اعتقادها أن الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور شيوعي في سياساته. وترى الكاتبة أن الأخوين كوك تربيا على فلسفة سياسية أكدت لهما أن الدور الوحيد للحكومة هو توفير الأمن وإنفاذ حقوق الملكية.
وتشير إلى أنه عندما أثبتت الأفكار التحررية التي كانا يناديان بها، أنها لا تحظى بشعبية لدى الناخبين بشكل قطعي، اختار الأخوان كوك وحلفاؤهما مساراً آخر، حيث جمّعوا مواردهم الهائلة، التي يمكنهم من خلالها تمويل مجموعة متشابكة من المنظمات التي يمكن أن تعمل بشكل متناسق للتأثير والسيطرة في نهاية المطاف على المؤسسات الأكاديمية، ومراكز الأبحاث، والمحاكم، المجالس الحكومية، والكونغرس، وكانوا يأملون، في التأثير في الرئاسة.
أجرت جين ماير في كتابها هذا الصادر حديثاً عن دار «دووبلدي» الأمريكية في 464 صفحة من القطع المتوسط، مئات المقابلات خلال خمس سنوات، من بينها عدة مصادر داخل الشبكة، والسجلات العامة، والأوراق الخاصة، وإجراءات المحاكم في الإبلاغ عن هذا الكتاب. وفي سرد مقنع، تتبع الكاتبة كيفية إنفاق مليارات الدولارات من قبل الشبكة، وتقدم صوراً حية من الشخصيات المتلونة وراء الأوليغارشية الأمريكية الجديدة.
ويأتي الكتاب في ثلاثة أقسام أساسية بعد المقدمة وهي: «تسليح العمل الخيري: حرب الأفكار 1970-2008»، وينقسم إلى خمسة فصول، أما القسم الثاني فهو بعنوان «رعاة سريون، عمليات خفية 2009-2010» وينقسم إلى أربعة فصول، ويحتوي القسم الأخير بعنوان «خصخصة السياسة: المعركة الإجمالية 2011-2014» على أربعة فصول.

الاستثمار في الحملات السياسية

تشير الكاتبة إلى أنه كانت سنة 1980 سنة من الأمل للمحافظين في أمريكا، ولكنه تضاءل بعد سنوات من الفشل المستمر على مستوى القاعدة الشعبية. فالجمهوريون لم يحكموا أياً من المجلسين (الشيوخ والنواب) في الكونغرس، أو الأغلبية في المجالس التشريعية للولايات، لمدة ربع قرن. لكن في نهاية ذلك العام حدث شيئان. أحدهما تم انتخاب الجمهوري رونالد ريغان رئيساً للبلاد. والآخر كان حدثاً خاصاً تماماً لم تظهر أهميته على مدى سنوات. إذ قرر الأخوان تشارلز وديفيد كوك، من مقرهما في كانساس، إنفاق مبالغ ضخمة من المال لانتخاب المحافظين في جميع مستويات الحكومة الأمريكية. ترشح ديفيد كوك لمنصب نائب الرئيس الأمريكي عن الحزب الليبرتاري في عام 1980، ولكن عندما انتهت الحملة، قال إنه مصمم على عدم السعي إلى وظيفة عامة مرة أخرى. وهذا لم يكن مهماً، لكن خلص هو وأخوه إلى أنهما يمكن أن يستثمرا في حملات الآخرين، ويشتريا طريقهما إلى السلطة السياسية.
وتشير إلى أنه بعد ثلاثين عاماً، بشّرت الانتخابات النصفية لعام 2010 باقتراب النظام السياسي الذي قضى كوك سنوات عديدة بالتخطيط لجلبه. وبعد التصويت في تلك السنة، سيطر الجمهوريون على المجالس التشريعية للولايات، وكانوا يسيطرون على أغلبية واضحة للحكام، وقد حصلوا على أحد مجلسي الكونغرس وكانوا في طريقهم للفوز بالآخر. ولعل الأهم من ذلك، كان عدداً لا بأس به من الجمهوريين الذين فازوا بهذه المناصب من البراغماتيين الذين لا زالوا في منتصف طريقهم. كانوا ليبرتاريين مناهضين للحكومة من نفس الخط السياسي للأخوين كوك اللذين أنفقا مئات الملايين من الدولارات لجعل الأغلبية على صورتهما التي يريدانها. وقد نجحا في ذلك. ليس فقط في الانتخابات، بل أنهما ساعدا على تمويل وتنظيم شبكة متشابكة من مؤسسات الفكر والرأي والبرامج الأكاديمية ووسائل الإعلام التي تجاوزت بكثير المعارضة الليبرالية.
حاولت الكاتبة خلال إعداد العمل التحدث إلى تشارلز أوديفيد كوك، لكنهما رفضا التحدث إليها، كما لم تستطع الوصول إلى أهم الشخصيات في هذه الشبكة السياسية. ولكنها في الوقت ذاته وصلت إلى مئات من المصادر التي أرادت التحدث، وهم من نشطاء حملات المحافظين لفترة طويلة، وشركاء الأعمال ومعارضين سياسيين وخبراء التمويل السياسي.

خطف الديمقراطية

تعتقد الكاتبة جين ماير أن الأخوين كوك وحلفاء لهما من الطبقة الثرية المتنفذة خطفوا أساساً الديمقراطية الأمريكية، وذلك باستخدام أموالهم ليس فقط للتنافس مع الخصوم السياسيين، بل لإغراقهم. وفي رأيها، خلق الأخوان كوك وحلفاؤهما بنكاً سياسياً خاصاً يستطيع منح وإنفاق كميات غير محدودة من المال على المرشحين المفضلين، ويتم عمل ذلك بشكل عملي من دون الكشف عن هوية المصدر.
وتلقي ماير أيضاً بعض الضوء على المتواطئين مع الأخوين كوك الذين ساعدوا على بناء الحركة التي تنتشر إلى أبعد من السياسة الانتخابية. ومن بينهم ريتشارد ميلون سكيف، وارث ثروة مصرفية هائلة، وكان حضوره المالي وراء مؤسسة التراث. وأيضاً جون. م. أولين، الذي كانت شركة عائلته الكيميائية المستفيد الأكبر من مشتريات الأسلحة الاتحادية، ركز على استحداث وظائف لأعضاء هيئة التدريس للمحافظين في الجامعات العريقة. والأخوان هاري وليند برادلي، اللذان استخدما الإيرادات من اندماج شركتهم العائلية للإلكترونيات مع روكويل الدولية لتمويل مجموعة كاملة من مشاريع النشر والبحوث. ولكن الهدف الرئيسي كما توضح الكاتبة هو الفوز في الانتخابات.
وتشير الكاتبة إلى أن كل هذه المنظمات والجهات المانحة كانت تروج أيضاً لعقيدة السوق الحرة، والسير وفق ما أعلنه تشارلز كوك في التسعينات «مبادئ السوق غيّرت حياتي». وتجد الكاتبة أن هذه الإيديولوجيا تساعد على تفسير واحدة من أهم حملات كوك في السنوات الأخيرة وهي: الكفاح من أجل منع اتخاذ إجراءات ضد تغير المناخ. وكانت مجموعة «أمريكيون لأجل الازدهار» في طليعة الجماعات المعارضة لفرض إجراءات تتعلق بتغير المناخ على مدى العقد الماضي. وعندما تولى الجمهوريون مجلس النواب في عام 2011، ضغطت مجموعة «أمريكيون لأجل الازدهار»، على المشرعين لدعم عدم فرض ضريبة متعلقة بالمناخ.

المال السياسي

توضح الكاتبة أن القصد من وراء دفاع الأخوين كوك الشرس عن أفكار السوق الحرة، هو من منطلق الحفاظ على المصلحة الذاتية، حيث إنهما استثمرا أموالهما في الكربون، وأي ضريبة على الأمر يمكن أن تتسبب في تأثير كبير في تجارتهما، خاصة أن «صناعات كوك» تعد واحدة من أكبر منتجي النفايات السامة في الولايات المتحدة، ودخلت في قضايا قانونية وقضائية متعلقة بنشاطاتها التلوثية، حتى إنها دفعت عشرات الملايين من الغرامات لتسوية هذه الحالات. هنا تبين الكاتبة أن الأخوين كوك وحلفاءهما من خلال تمويل الشبكة السياسية التي تحقق مصالحهما، يحافظون على ثرواتهم، ويضمنون عدم إصدار قوانين ضد مصالحهم الفعلية.
تشير أيضاً إلى أنه مع المال السياسي، لا توجد وسيلة سهلة لتحديد أين تنتهي الأيديولوجية؟ وأين تبدأ المصلحة الذاتية ومسألة الفساد؟ وتقف ماير عند العديد من القضايا في التاريخ الأمريكي لضمان الحفاظ على المصالح وإسكات الخصوم. إلا أنها على العموم بذلت جهداً كبيراً في هذا العمل، التي تتوقف فيه أيضاً عند حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أنفق 66 مليون دولار من ثروته ليتم انتخابه، وسار في خط معاكس ل«وول ستريت»، وهو كسياسي دعم نفسه بأمواله من دون الحاجة إلى أصحاب الثروات.
يحتوي هذا العمل على تفاصيل كثيرة أيضاً تتعلق بالعلاقات الاستخباراتية مع التكتلات الاقتصادية السياسية، وكيفية استخدام المال السياسي بطريقة من شأنها أن تهدد القيم الديمقراطية الأمريكية، وتساهم في التأثير في العديد من القرارات المصيرية في عدد من القضايا التي تهم الأمريكيين أولاً والبشرية بشكل عام.

نبذة عن الكاتبة:

جين ماير كاتبة صحفية استقصائية أمريكية، تعمل لصالح مجلة «نيويوركر»، وهي مؤلفة لثلاثة كتب تعد من الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة الأمريكية وهي: «تدمير الرئيس 1984-1988»، مع دويل مكمانوس، و«العدل الغريب: بيع كلارنس توماس»، مع جيل أبرامسون.
وكتابها «الجانب المظلم: كيف تحوّلت الحرب على الإرهاب إلى حرب على المثُل الأمريكية» حيث منحت زمالة «غوغنهايم» لأجله، كما كان هذا الكتاب من بين عشرة كتب أكثر مبيعاً على قائمة صحيفة «نيويورك تايمز».
وحصلت جين ماير على عدد كبير من الجوائز الصحفية من بينها جائزة «ج.أنتوني لوكاس للكتاب»، وجائزة «غولدسميث للكتاب»، وجائزة «إدوارد وينتال»، جائزة «ريدنهاور»، وجائزة «هيلين بيرنشتاين لمكتبة نيويورك العامة للتميز في الصحافة»، وجائزة «روبرت كينيدي للكتاب». كما كانت من بين المرشحين النهائيين لجائزة الكتاب الوطني في الولايات المتحدة الأمريكية. تعيش ماير في واشنطن العاصمة.

 

تأليف: جين ماير
عرض وترجمة: نضال إبراهيم

 

السلطة والحنكة السياسيّة في العصر الرقمي

السلطة والحنكة السياسيّة في العصر الرقمي

من سيكون في السلطة في القرن الواحد والعشرين؟ الحكومات؟ أصحاب الأعمال الكبيرة؟ عمالقة الإنترنت؟ وكيف يمكننا التأثير في المستقبل؟ يتطرق هذا العمل الذي وضعه توم فليتشر إلى مسألة مهمة، وهي «الدبلوماسية»، متناولاً تاريخها من القرون الوسطى إلى التاريخ الحديث، وصولاً إلى العصر الرقمي الذي فرض أساليب جديدة في اللعبة السياسية على المستوى الدولي، وتأثيرها في الشعوب، ثم يحدد سمات الدبلوماسي الجيد، ومتى يكون العمل الدبلوماسي صعباً ومتى يصبح سهلاً.
يقدم فليتشر في عمله «الدبلوماسيّة العارية: السلطة والحنكة السياسيّة في العصر الرقميّ»، الصادر عن دار «هاربر كولينز» للنشر والذي يقع في 320 صفحة من القطع المتوسط، أمثلة واقعية لكيفية استمرار الدبلوماسية في إيجاد تأثير كبير في حياة الناس، والسبب في مواصلتها القيام بذلك، ويسأل القادة: من تمثل؟ وكيف يمكنك أن تقوم بعملك على نحو أفضل؟
ينقسم الكتاب بعد التمهيد بعنوان «الدبلوماسي الذي وصل في وقت متأخر للغاية»، والمقدمة بعنوان «هنا ترقد الدبلوماسية»، إلى ثلاثة أجزاء: الأول، تاريخ قصير عن الدبلوماسية ويأتي في ستة فصول هي: 1- الدبلوماسية الأولى: من رجال الكهوف إلى القناصل. 2- دبلوماسية عن طريق البحر: من كولومبوس إلى كوبيبويز. 3- أفضل قرن للدبلوماسية. 4- من البريد الإلكتروني إلى المبعوثين. 5- ما الذي يصنع دبلوماسياً جيداً؟
أما الجزء الثاني فهو بعنوان «الحنكة السياسية وحرفة الشارع: القوة والدبلوماسية في عالم متصل». والجزء الأخير: ماذا بعد؟
يستكشف توم فليتشر، السفير البريطاني السابق في لبنان، والذي يعدّ أصغر سفير عين لبريطانيا على مدى 200 عام – المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية المتقدمة في القرن الواحد والعشرين: كيفية تحقيق التوازن بين التدخل والمصلحة الوطنية، واستخدام الحوكمة العالمية من أجل تحقيق الأهداف الوطنية، ووضع برنامج للأنظمة الدولية التمثيلية. ويطرح سؤالاً: هل سيحتاج العالم في السنوات ال 100 المقبلة، إلى التعامل مجدداً مع نفس الكمية من التنمية الاجتماعية في القرون الماضية، من إعادة الولادة للدولة المدينة، والصراع للحصول على الطاقة الجديدة، واختفاء الحدود، إلى رغبة العالم في الانتقال إلى الدول المتقدمة؟
ويستند في ذلك إلى تناول تجربة عدد من القادة الأكثر نفوذاً في عالم السياسة والدبلوماسية، ومن بين من يتطرق إلى تجاربهم: الدبلوماسي الفرنسي شارل موريس تاليران (1754 -1838)، والسياسي الأمريكي هنري كيسنجر، والراحل نيلسون مانديلا، والسياسيان الأمريكيان جون وروبرت كينيدي، حيث يحلل صعود القوة الذكية، والقوة الناعمة، والتدخل الجديد.

تجربة شخصية

يتحدث عن تجربته الشخصية في الدبلوماسية قائلاً: «خلال فترتي كسكرتير خاص، رأيت أن التكنولوجيا تغيّر الحنكة السياسية. تعاملت مع الورقة والقلم مع رئيس الوزراء الأسبق توني بلير، وأرسلت البريد الإلكتروني الأول مع رئيس الوزراء غوردون براون، وبدأت باستخدام المراسلات على جهاز الآيباد مع رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون». كما يشير إلى أنه في البداية شعرنا بارتباك في التعامل مع الشريط الإخباري على شاشة «سكاي نيوز» التي تتسع ل 140 حرفاً، ثم انتقلنا إلى التغريدات على موقع «تويتر»، والتي أيضاً لا تتسع إلا ل 140 حرفاً، فكان لا بد من الإيجاز وانتقاء الكلمات بعناية، والتأكد من تأثير الكلمات.
ويقول عن ذلك أيضاً: «هذا التغيّر يمثّل تغيرات بنائية أوسع في الاتصالات، وبالتالي المجتمع على العموم. ولدى جيل الإنترنت فرصة أكبر من أي جيل سبقه في مسألة فهم عالمهم، من ناحية الانغماس فيه وتشكيله»، مضيفاً أنه «في السنوات التي تلت الأحداث الإرهابية في نيويورك 11 سبتمبر/أيلول 2001، شهد العالم تحولاً على نحو أكثر من قبل المهووسين الأمريكيين بالحواسيب في مساكن الطلبة أكثر من نشطاء القاعدة في الكهوف. والعالم سوف يتذكر مارك زوكربيرغ لفترة أطول من أسامة بن لادن».
ويشير إلى أن المواطنين من تونس إلى كييف استخدموا هذه الوسائل في تحركاتهم السياسية والاجتماعية وجعلوا من وسائل التواصل الاجتماعي أداة استثنائية. ويقول: «في السنوات القادمة، ربما يقول الناس إن أكثر الأسلحة قوة لم تكن غاز السارين أو القنبلة النووية، بل الهواتف الذكية».

تاريخ الدبلوماسية

كما يقدم موجزاً عن تاريخ الدبلوماسية، بدءاً من شين ويغين، مستشار أحد الأباطرة الصينيين في القرن الثالث، إذ بعد أن خيّب أمل سيده في مساعيه السياسية، انتهى مصيره إلى قطع لحم صغيرة. ويقول الكاتب: «لحسن الحظ، هذا المصير لا ينتظر الدبلوماسيين اليوم، مهما كانت أوجه القصور لديهم».
كما يتوقف عند السفراء الإسبان والفرنسيين في لندن، الذين سعوا إلى التقليل من شأن بعضهما البعض، ويشير إلى أن النقطة البارزة في الدبلوماسية الأوروبية عموماً تعتبر انطلاقاً من مؤتمر فيينا في عام 1815، والتي أرست الأساس لقرن من السلام في أوروبا، ما أتاح نمو الإمبراطورية. كما أدى مؤتمر فيينا إلى ولادة السلك الدبلوماسي على نحو مهني.
ويذكر أنه عندما وصلت الملكة فيكتوريا (1819 – 1902) إلى العرش، كان لبريطانيا ثلاثة سفراء دائمين فقط؛ وعندما توفيت، كان هناك 100 سفير في أرجاء العالم، وانتهى كل هذا الأمر في ألم وبكاء على الصعيد العالمي، مع اندلاع الحرب العالمية الأولى التي أدت إلى معاهدة فرساي، والتي بدورها زرعت بذور الحرب العالمية الثانية.
وعن مسألة الثقة بين السياسيين والعامة، اشتكى دبلوماسي فرنسي في 1931 من نشاطات الصحافة التي لا توفّر جواً ملائماً لتنفيذ المخططات السياسية، حيث تخبر الناس بالحقيقة، وهذا ما يصعب مهمتهم، وهذا الأمر يسير بالطبع عكس قيم الحكومات الديمقراطية والمنفتحة على شعوبها، إلا أنه رغم ذلك فالعديد من شعوب العالم المتقدم تجد أن السياسيين يمارسون تضليلاً وخداعاً معهم.
وفليتشر حين يتحدث عن انحدار الثقة في الطبقة السياسية، لا يجدها أزمة، أو على الأقل لم تصبح أزمة حقيقية بعد، خاصة أنه حينما يحدد السمات الأساسية لكل دبلوماسي جيد والتي نلخصها في: البراعة، الشجاعة، الفضول، وامتلاكه القدرة على التواصل مع الجميع. من دون أن يحدد الصدق والنزاهة على القائمة كما علق أحد النقاد عليه لاحقاً.

الدور المتغير للدبلوماسي

ويتناول فليتشر في الجزء الثاني من عمله الدور المتغير للدبلوماسي في عالم شهد تحولاً سريعاً عن طريق صعود السوق العالمية وولادة الإنترنت. ويبين كيفية تعاطي وزارة الخارجية البريطانية مع الدبلوماسيين، ومسألة التطور الدبلوماسي، إذ إنه حتى وقت متأخر من عام 1970، كانت الوزارة تلجأ إلى «دليل الدبلوماسي»، الذي كان يقدم النصيحة للدبلوماسيين، وعن تصرف زوجاتهم، والمرأة الدبلوماسية كان ينبغي عليها أن تقدم استقالتها إذا تزوجت.
كما يوضح أن الدبلوماسيين البريطانيين كانوا يتسمون بالأناقة، ويحصّلون تعليمهم من مجموعة معروفة من الجامعات والمدارس، وأوساطهم كانت نخبوية بامتياز، كما أن مهارة السفير في كتابة برقية أنيقة كانت تزيد من رصيده في عمله. إلا أن ذلك كله تغير في العصر الرقمي الذي فرض تعاملاً جديداً مع الدبلوماسية والسياسية، إذا بات على الدبلوماسي الحديث أن يوسع من قاعدة جمهوره، وأدوات العصر الرقمي من مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وغيرها تساعده في القيام بذلك. ومن المتوقع أن يكون الدبلوماسي في الخط الأمامي عندما يتعلق الأمر بتعزيز المصالح التجارية والثقافية والسياسية لبلاده، بالتالي عليه إدراك أسلوب التخاطب مع جمهوره من الصغار والكبار، الأغنياء والفقراء، وجميع الأديان والمذاهب والطوائف.
يؤكد الكاتب أنه على السياسيين والدبلوماسيين التحلي بالمرونة والشجاعة في خوض غمار عالم جديد من العولمة والثورة الرقمية، حيث وتيرة التغييرات متسارعة، ولا شيء يبقى سرياً لفترة طويلة في عصر الشفافية و«ويكيليكس».
ويبين أن الجماعات الإرهابية نفسها لجأت إلى التكنولوجيا الرقمية للترويج لأفكارها، واستقطاب مجندين جدد لها، حيث اتخذتها سلاحاً موجهاً ضدنا. وبالتالي، سواء أحببنا ذلك أو لا، فإن البقاء في هذا العالم الرقمي بات أشبه بمهمة، علينا التحرك فيه بحكمة، وجعل أدواته قوة للخير في وجه الجماعات الظلامية التي تريد أن تفرض سواداً قاتماً على عالمنا.

أدوات الدبلوماسية الحديثة

يوضح الكاتب أن الدبلوماسية تصبح صعبة عندما تكون أمتك أو دولتك أو دينك في انحدار ملموس أو فعلي، إذ يصبح الذهاب إلى البيت الأبيض أكثر صعوبة، والتخطيط للاتصالات الهاتفية أيضاً. وكذلك تصبح صعبة عندما تكون قوتك العسكرية في هبوط أو أن التقشف سائد، أو أن المواطنين أقل رغبة في التضحية لأجل مصالح الدولة. وتصبح الدبلوماسية صعبة أيضاً عندما يفقد المواطنون حس الابتكار والإبداع بسبب العوز والفقر، والتضوّر جوعاً، فالدبلوماسية القوية لا تظهر في أجواء الفساد السياسي والجوع وانعدام القوانين.
ويشير الكاتب إلى أن الدبلوماسية تصبح سهلة عندما تكون القواعد والقوانين واضحة للمواطنين، وعندما يلعب جميع مواطني الدولة على طاولة الشطرنج ذاتها. وتصبح سهلة عندما تكون البلاد في حالة من الصعود، حينها تجد مكالماتك مردود عليها بالسرعة الممكنة، وتجد سهولة في التوسع على صعيد السفارات والوفود الاقتصادية.
وهنا يؤكد الكاتب أنه يترتب على الدبلوماسيين أن يتبنوا الذهنية التي تلائم أدوات العصر الرقمي الجديد الذي يشكل استثناء وثورة. ويقول: «العديد منا ارتكب أخطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الخطأ الأكبر هو عدم التواجد عليها. وكذلك نحن بحاجة إلى السيطرة على هواتفنا الذكية».
وعموماًَ، يقدم الكتاب العديد من المناقشات والحجج والقصص السياسية، كما يظهر تعاطفه مع لبنان وشعبه، والجهد الهائل الذي بذله للتواصل مع هذا البلد الذي يشهد تعقيدات كبيرة على الساحة السياسية.
وفي الختام، يحدد ثلاثة تحديات كبيرة للدبلوماسي في القرن الواحد والعشرين وهي: متى وكيف ينبغي لنا أن نتدخل في حروب الآخرين؟ كيف نبني المؤسسات الدولية التي تصلح لتحقيق أهدافنا البشرية، أبرزها الأمم المتحدة، والتي غالباً ما تصبح عاجزة أمام التنافس بين مصالح الدول الكبرى؟ وكيف يمكننا الحد من عدم المساواة في العالم دون ترك دمار؟
يشكل هذا العمل نداء لنا كشعوب ودول لإعادة التفكير بمكاننا في المجتمع وفي عالمنا المترابط. كما يحثنا على التحلي بالشجاعة والإبداع والاتصال مع الآخرين في عالم يفتقد إلى الدبلوماسية في أجزاء كبيرة منه.

نبذة عن الكاتب:

توم فليتشر هو أستاذ زائر في العلاقات الدولية في جامعة نيويورك، ومستشار لتحالف الأعمال العالمي للتعليم ولأكاديمية الإمارات الدبلوماسية. شغل موقع السفير البريطاني في لبنان من 2011 إلى 2015، ومستشار السياسة الخارجية ل«داوننغ ستريت» لثلاثة رؤساء وزراء من 2007 إلى 2011.
كما يعد فليتشر زميلاً فخرياً في جامعة أكسفورد، يدوّن باسم «الدبلوماسي المجرّد»، ويترأس المجلس الاستشاري الدولي لاتحاد الصناعات الإبداعية، حيث يقوم بالترويج لهذا القطاع الأكثر ديناميكية وجاذبية لبريطانيا في الخارج. وقاد توم فليتشر مؤخراً استعراضاً للدبلوماسية البريطانية لأجل وزارة الخارجية في المملكة المتحدة، ويعمل حالياً على تقرير حول مستقبل الأمم المتحدة للأمين العام الجديد للأمم المتحدة. وهو متزوج من الدكتورة لويز فليتشر، طبيبة نفسانية، ولهما ابنان.

الرقميون الرحّل

الرقميون الرحّل

على شاكلة البدو الرحّل، أطلّ علينا مؤخراً في الساحة الرقمية مصطلح الرقميون الرحّل digital nomads كدلالة مباشرة للتحولات التي تحدث في قطاع الأعمال ونتيجة لتأثير تقنية المعلومات والاتصالات، الرقميون الرحل هم عمّال معرفة knowledge workers هائمون يأنفون من ممارسة أعمال تقليدية ترتبط بالمكان والحضور والإنصراف، ويفضلون العمل الحرّ المتنقل، دائم الحركة، والقائم على الابداع والابتكار، إنهم أشخاص عاديون ولكنهم يملكون صفات شخصية تجعلهم قادرين على العمل بحرية مطلقة أثناء ترحالهم وتنقلهم بواسطة حواسيبهم المتنقلة، أو ألواحهم وهواتفهم الذكية، بتنا اليوم نراهم يعملون وينجزون أعمالهم ووظائفهم في المقاهي، والمكتبات العامة، وردهات الفنادق، والمتنزهات والشواطئ الجميلة، أو أينما يحلوا لهم ذلك .. كما أنهم يتنقلون ويسافرون خارج حدود البلد الواحد وتراهم يعشقون الترحال والتنقل من مكان إلى آخر أو من دولة إلى أخرى.
تشير التوقعات أن الرقميّون الرحّل سيستحوذون على نسبة عالية من قطاعات الأعمال في المستقبل المنظور، وسيمثلون كتلة كبيرة من القوى العاملة، وخصوصاً في مشاريع الشركات المتوسطة والصغيرة التي توظف التقنية بصورة فاعلة في أعمالها، لقد ساعدت شبكات التواصل الاجتماعي وهيّأت للرقميين الرحّل تسويق أعمالهم وأنشطتهم، انهم يتكاثرون ويمثلون مستقبل العمل الجديد، كل ما تحتاجه هذه الفئة من عمال المعرفة هو أجهزتهم المحمولة وخدمات انترنت فائقة السرعة.
بعضهم ينتسبون لشركات قائمة، ولكن أغلبهم مستقلون freelancers يعملون وفق استراتيجيات وأهداف خاصة وضعوها بأنفسهم، وتتنوع أعمالهم لتشتمل على التسويق والتجارة الرقمية، والخدمات الاستشارية، بالإضافة إلى تقديم الدروس وورش العمل عن بعد، وإدارة صفحات الشبكات الاجتماعية لمؤسسات أو منظمات حكومية أو خاصة، والتصميم والابتكار، وتصميم الشعارات والقوائم والاستمارات، وكذلك تصميم وإدارة تطبيقات حاسوبية، وإدارة العلاقات العامة، وتطوير وتحسين صفحات الانترنت وخدماتها، وخدمات الزبائن والعملاء، والمتابعة والتنسيق، وتصدير واستيراد، وإدارة أنشطة خدمات لوجستية، وتسويق الأغذية ووجبات المطاعم، وتطوير النظم الحاسوبية، وتقديم خدمات محاماة واستشارات قانونية … وغيرها الكثير من الأعمال القائمة حالياً، والتي تلاقي اهتماماً ورواجاً كبيراً في بيئة الأعمال الرقمية.
إن هذا القطاع من الأعمال أصبح يلاقي اهتماماً كبيراً من قبل الأنظمة الاقتصادية في بلدان مختلفة من العالم، كما صار يجذب اهتمامات الباحثين، ورواد الأعمال، والمستثمرين، وما أحوجنا نحن اليوم في بلادنا لتعزيز الفرص القائمة على هذا النوع من الأعمال وخصوصاً في ظل تزايد أعداد مخرجات التعليم العالي التي تبحث عمن يرشدها إلى عمل أو وظيفة ويشد بيدها ويشجعها، ويسهل لها الوصول إلى الأعمال الحرة والمستقلة القائمة على تطويع التقنية واستثمار إمكاناتها العالية، لهذه المخرجات همم عالية، وحوافز متوقدة، ورغبة جادة للعمل والعطاء، ولكن قد ينقصها الوعي بحجم ونوع الفرص الوظيفية المتوفرة في غير القطاع الحكومي، ومن هنا ندعو الباحثين عن عمل البحث والاطلاع عما يناسب اهتماماتهم وميولهم وقدراتهم الذاتية في الابداع والابتكار، وتعزيز الثقة بالذات ومحاولة الالتحاق ببيئة الأعمال الرقمية.

 

التليجراف العلماء قد يتمكَّنون قريبًا من تخليق أجنة بشرية في المختبر

التليجراف العلماء قد يتمكَّنون قريبًا من تخليق أجنة بشرية في المختبر 1

يُمكن أن تزرع أجنة بشرية اصطناعية من الصفر في المختبر، وذلك بعدما نجح العلماء في تخليق جنين لحيوان ثديي فقط باستخدام الخلايا الجذعية.

تقرير نشرته صحيفة «التليجراف» البريطانية ذكر أنَّ باحثين بجامعة كامبريدج قاموا بخلط نوعين من الخلايا الجذعية لفأر ووضعوهما على حاملة ثلاثية الأبعاد. بعد أربعة أيام من النمو في خزان للمواد الكيميائية، والذي تم تصميمه لمحاكاة الأوضاع داخل الرحم، شكلت الخلايا هيكلًا لجنين لفأر حي.

وقد وصفت النتائج الناجحة بأنها «إنجاز» في الهندسة الحيوية، والذي يمكن أن يسمح في نهاية المطاف للعلماء بتخليق أجنة بشرية اصطناعية في المختبر دون الحاجة إلى وجود حيوانات منوية أو بويضة.

سوف تساعد الأجنة المزروعة الباحثين على دراسة المراحل المبكرة جدًا من حياة الإنسان حتى يتمكنوا من فهم سبب فشل العديد من حالات الحمل، ولكن من المرجح أن تكون هذه الخطوة مثيرة للجدل وتثير تساؤلات أخلاقية حول ماهية أو ما يشكل الحياة البشرية.

 

خلايا جذعية معدلة

 

التليجراف العلماء قد يتمكَّنون قريبًا من تخليق أجنة بشرية في المختبر 2

 

حاليًا يمكن للعلماء إجراء التجارب على الأجنة المتبقية من تجارب التلقيح الاصطناعي، ولكنها ليست كافية، ويجب أن يتم تدميرها بعد 14 يومًا. يقول العلماء: إن القدرة على خلق عدد غير محدود من الأجنة الاصطناعية في المختبر يمكن أن يسرع من وتيرة الأبحاث، في حين قد يزيل بعض الحواجز الأخلاقية.

«نعتقد أنه سيكون من الممكن تقليد الكثير من صور وأشكال التطور التي حدثت قبل 14 يومًا باستخدام الخلايا الجذعية البشرية التي تستخدم نهجًا مماثلًا لتقنياتنا من خلال الاعتماد على خلايا الفأر الجذعية»، هكذا تقول البروفيسور «ماجدالينا جوتيز» من قسم علم وظائف الأعضاء والتطور وعلم الأعصاب في جامعة كامبريدج، والتي قادت فريق البحث.

وأضافت، بحسب ما نقل عنها تقرير الصحيفة البريطانية «إننا متفائلون جدًا بأن هذا سيسمح لنا بدراسة الأحداث الرئيسة في هذه المرحلة الحرجة من التطور البشري دون الحاجة فعلًا إلى العمل على تجارب التلقيح الاصطناعي للأجنة. معرفة كيفية حدوث التطور الطبيعي سوف تسمح لنا أن نفهم لماذا تمضي الأمور كثيرًا على نحو خاطئ».

تم تخليق الأجنة باستخدام الخلايا الجذعية المعدلة وراثيًا إلى جانب خلايا الأرومة الغاذية الجذعية (TSCs) التي تشكل المشيمة في الحمل الطبيعي.

المحاولات السابقة لنمو الأجنة باستخدام نوع واحد فقط من الخلايا الجذعية لم تنجح لأن الخلايا لم تتجمع في مواقعها الصحيحة.

ولكن العلماء اكتشفوا أنه عندما أضافوا الخلايا الجذعية «المشيمية» الثانية، بدأ النوعان في التحدث إلى بعضهما البعض، مُوجِّهين بعضهما البعض إلى الوجهة الصحيحة.

بشكل تعاوني، فقد خُلطوا معًا في نهاية المطاف لتشكيل هيكل جنيني، مع مجموعتين متميزتين من الخلايا، وتجويف في المنتصف، وهو التجويف الذي سيستمر الجنين فيه بالتطور. الجنين لن ينمو ليصبح فأرًا؛ لأنه يفتقد الخلايا الجذعية التي تصنع كيس الصفار أو الكيس الحملي.

 

تساؤلات أخلاقية

 

التليجراف العلماء قد يتمكَّنون قريبًا من تخليق أجنة بشرية في المختبر 3

 

تعتبر بريطانيا حاليًا دولة رائدة في العالم في مجال أبحاث الخصوبة، والعام الماضي تم منح الإذن لمجموعة في معهد «فرانسيس كريك» لتعديل الأجنة البشرية وراثيًا، وهي المرة الأولى في العالم التي يوافق فيها على مثل هذا الإجراء من قبل المشرعين.

لكن مثل هذا العمل يثير تساؤلات أخلاقية مهمة حول قدسية الحياة البشرية، وما إذا كان ينبغي التلاعب بها أو تخليقها في المختبر.

النقاد يحذرون من أن السماح للأجنة للنمو للعلوم، يفتح الباب لأطفال مصنعين أو مبتكرين وبشر معدلين وراثيًا.

وقال الدكتور «ديفيد كينغ»، مدير مجموعة Human Genetics Alert: «ما يقلقني حول إمكانية وجود أجنة اصطناعية هو أن هذا قد يصبح طريقًا لخلق أجنة معدلة وراثيًا أو حتى أطفالًا مستنسخين».

وأضاف «كينغ»: «حتى يكون هناك حظر عالمي واجب النفاذ على تلك الاحتمالات، كما رأينا مع استبدال الميتوكندريا أو الطفل ثلاثي الأباء، فإن هذا النوع من الأبحاث ينطوي على مخاطر توفير الأساس العلمي لرواد الأعمال، الذين سيستخدمون التكنولوجيا في البلدان التي ليس فيها أي قوانين مشرعة».

يحتاج العلماء إلى الحصول على إذن من هيئة «الخصوبة البشرية وعلم الأجنة» البريطانية، قبل محاولة خلق أجنة بشرية باستخدام هذه التقنية، ودعا الخبراء إلى خلق حوار دولي قبل المضي قدمًا في استخدام هذه التقنية.

وقال البروفيسور «جيمس أدجاي»، رئيس أبحاث الخلايا الجذعية والطب التجديدي في جامعة هاينريش هاينه بألمانيا «إن الهيئة القانونية سوف تقرر في نهاية المطاف ما إذا كان يمكن توليد أجنة الخلايا الجذعية البشرية، وإلى متى يمكن أن تترك في طبق بتري لمزيد من التطور».

واضاف «أدجاي» «بالطبع، يجب أن يكون هناك حوار دولي بشأن تنظيم مثل هذه التجارب».

ولكن الدراسة قوبلت بترحيب من قبل المجتمع العلمي الذي وصفها بأنها انجاز هام.

وقد نشرت نتائج الدراسة في مجلة Science ومولت من قبل مؤسسة ويلكوم ترست والمجلس الأوروبي للبحوث.

 

مترجم: 8 طرق لتقرأ كتبًا أكثر هذا العام

8 ways to read books -01

نشر موقع «هارفارد بزنس ريفيو» مقالًا كتبه «نيل باس ريتشا» يعرض لك ثمانية طرق ستساعدك في زيادة معدل قراءتك. ولعلك تحتاج الإجابة على هذا السؤال أولًا: كم كتابًا تقرأ في العام؟

يقول «نيل» إنه منذ البلوغ كان يقرأ تقريبًا خمسة كتب سنويًّا، وذلك في أفضل حالاته. فقد كان يقرأ كتابين في الإجازة السنوية، كما كانت تقبع عدة كتب على الطاولة بجوار سريره طوال شهور.

إلا أنه تفوق على نفسه، وفوجئ أنه أنهى العام الماضي قراءة 50 كتابًا؛ فكان ذلك دافعًا له ليزيد معدل قراءته ليصل إلى 100 كتاب.

فماذا عن شعوره بعد هذا الكم من الكتب؟ يقول إنه لم يشعر مطلقًا طوال حياته بهذا القدر من الحيوية والإبداع في جميع نواحي حياته، يشعر أنه كشخص صار أكثر تشويقًا، وصار أبًا أفضل، كما تحسنت كتاباته بشكل غير مسبوق.

إلا أنه ندم أنه لم يبدأ بذلك مبكرًا في حياته، لماذا انتظر «نيل» 20 عامًا؟

حسنًا، يقول إن عالمنا اليوم مصممٌ لنمط القراءة السريعة «الكاشطة»، وليس القراءة المتعمقة، لذا تطلب الأمر منه بعض الوقت لتحديد التغيرات بعينها التي زادت من معدل قراءته بتلك السرعة الصاروخية. ويضيف أن أيًّا من التغيرات لم تكن لها علاقة بمعدل سرعة قراءته، فهو في الحقيقية قارئ بطيء إلى حد ما.

ثم يعرض مجموعة من النصائح لتعرف كيف تُأقلِم قراءتك مع حياتك اعتمادًا على السلوكيات التي غيّرها:

 

اجعل القراءة في بيتك «متمركزة»

 

8 ways to read books -02

 

في عام 1998، أدى «روي باوميستر» وزملاؤه تجربتهم الشهيرة بعنوان «كعكة رقائق الشوكولاتة والفجل»، إذ قَسَّموا الأشخاص عناصر الدراسة إلى مجموعاتٍ، وطلبوا منهم ألا يأكلوا أي شيء خلال الثلاث ساعات قبل التجربة. أعطوا المجموعة الأولى كعكة رقائق الشوكولاتة والفجل، لكن غير مسموح لهم بتناول الكعكة، إنما الفجل فقط. وأعطوا المجموعة الثانية أيضًا كعكة رقائق الشوكولاتة والفجل بحيث يمكنهم تناول أي شيء أرادوه. بينما المجموعة الثالثة لم تعطَ أي أكل على الإطلاق، وبعد ذلك قدم العلماء القائمون على التجربة للمجموعات الثلاثة أحد الألغاز التي من المستحيل حلها، وذلك لمعرفة إلى أي مدى سيستمرون. لم يكن مثيرًا للدهشة أن المجموعة الأولى التي استنفذت جُل طاقتها في محاولة البقاء بعيدًا عن كعكة رقائق الشوكولاتة، استسلمت أولاً.

فما علاقة ذلك بالقراءة؟

فلتفكر قليلاً في وضعك جهاز التلفاز في الصالة الرئيسية بالمنزل، وهو في تلك الحالة يشبه طبق كعكة رقائق الشوكولاتة، إذ تغويك العديد من المغريات التليفزيونية، مما يقلل قوة إرادتك للتعامل مع الكتب.

لذا يرجوك بإجراء تعديل فتضع جهاز التلفاز بعيدًا قليلًا، على أن تثبت مكانه رف كتب على الحائط يكون من اختيارك.

ويروي في ذلك تجربته الشخصية، فقد نقل العام الماضي جهاز التلفزيون الوحيد في منزله إلى الدور التحتي المظلم، وبدلاً منه وضع بالتعاون مع زوجته رفًا للكتب مكانه بجوار الباب الرئيسي للمنزل. يقول إنهم صاروا الآن يمرون بجوار الكتب، يلمسونها عشرات المرات خلال اليوم الواحد، بينما يقبع التليفزيون في سبات عميق في الدور التحتي، لا يتذكره أحد إلا في أوقات بث الموسم الجديد من مسلسلهم المفضل.

 

أعلن التزامك على الملأ

 

8 ways to read books -03

في كتابه المؤثر بعنوان «التأثير: علم نفس الاقناع»، يشارك «روبرت سيالديني» دراسة في علم النفس تظهر أنه بمجرد أن يضع الناس رهاناتهم في حلبة السباق، يكونون واثقين أكثر في فرص فوز أحصنتهم، أكثر من لحظات ما قبل وضع الرهان، ويفسر ذلك بأن الالتزام هو أحد الأسلحة الستة للتأثير الاجتماعي.

لذا.. لماذا لا نفكر في أنفسنا مثل تفكيرنا في أحصنة السباق؟

يقول «نيل» ضع الرهان على القراءة، بفتح حساب على جودريدز أو ريكو، وقم بدعوة عدد من أصدقائك أو زملائك في العمل، وقم بتحديث حسابك كل مرة تقرأ كتابًا، أو قم بتجميع قائمة بريد إلكتروني ترسل عليها استعراضاتك ونقدك للكتب التي قرأتها. ويقول إنه يفعل ذلك كل شهر من خلال نادي الكتاب الخاص به على البريد الإلكتروني.

يذكر أنه سرق هذه الفكرة من الكاتب «رايان هوليداي» الذي حقق كتابه أعلى المبيعات، والذي يمتلك قائمة كتب للقراءة رائعة.

 

جد قوائم جديدة للقراءة موثوقة ومنسقة

8 ways to read books -04

 

تعرض صناعة النشر أكثر من 5000 كتاب سنويًّا، هل لديك الوقت لتتنقل بين 1000 كتاب أسبوعيًّا؟

بالطبع لا يقدر أحد على ذلك، لذلك نستعين بالوكلاء، مثل استعراضات الكتب على موقع أمازون. لكن هل يجب علينا الحصول على قوائم القراءة من موزعي الكتب؟

يقول «نيل» إنك إذا كنت تشبهه، وتحب حائط «المختارات» في المكتبات المستقلة، إذ لا يوجد ما هو أمتع من اقتناء الكتاب المفضل لدى شخصٍ ما.

وهكذا، فإن إيجاد عدد قليل من القوائم الموثوقة والمنسقة بشكل بسيط كالقوائم البريدية التي ذكرها من قبل، المصحوبة بقليل من التمحيص، يمكنها أن تساعدك في العثور على قائمة تتماشى تمامًا مع أذواقك. ويذكر بعض القوائم التي يفضلها شخصيًّا: قائمة بيل جيتس، وديريك شيفرز، وقائمة تيم فيريس، إذ جمع العديد من التوصيات من ضيوف التدوين الصوتي.

تغيير عقليتك بشأن التراجع أو الاستسلام

 

8 ways to read books -05

 

أن تُقلِعَ عن قراءة كتاب وينتابك شعور سيء هي نقرة، لكن أن تقلع عن قراءة كتاب شاعرًا بالفخر نقرة أخرى. كل ما عليك فعله هو أن تغير عقليتك. كل ما عليك فعله هو أن تقول: «أووف! أخيرًا تركت تلك العثرة لافساح المجال للجوهرة التي سأقرأها تاليًا». ولعل أحد المقالات التي تساعدك في الوصول لتلك العقلية مقال لـ«تيم أوربان» بعنوان «ذا تيل إند»، والذي يرسم صورة صادمة عن عدد الكتب التي ما زالت أمامك لتقرأها طوال حياتك.

وبمجرد أن تستوعب العدد، ستود لو تمحو العثرات والحُجُب، كي تصل لواحة القراءات التي تستهويك فعلًا.

فمقابل كل كتاب أنهى «نيل» قراءته، تخلى عن حوالي 3 أو 4 كتب قبله. فهو يقرأ أولاً، أول خمس صفحات قبل شراء الكتاب، يحاول من خلالها اختبار نبرته وسلاسته ولغته، ثم يقرر أن يتركه إذا ما شعر بالحاجة للتوقف في منتصف تلك الصفحات.

صم عن الأخبار.. ووجه أموالك للقراءة الحقيقية

 

8 ways to read books -06

يقول «نيل» إنه قام بتسجيل اشتراك في جريدة نيويورك تايمز وخمس مجلات أخرى، ويقوم بتحديث الاشتراكات دائمًا، كما رغب دائمًا في الحصول على بريد إخباري جديد على البريد الإلكتروني، لكن بعد عودته من رحلة إجازة طويلة، انغمس فيها مع الكتب، بدأ يدرك أن طبيعة ذلك النوع من القراءة المختصرة القصيرة كانت تمنعه من القراءة العميقة، لذا ألغى جميع تلك الاشتراكات.

فماذا فعله إلغاء هذا الكم الخبري من المدخلات إلى عقله غير إفراغ جزء من عقله؟

يقول «نيل» إن إلغاء الاشتراكات وَفَّر له أكثر من 500$ سنويًّا. أي ما يعادل 50 كتابًا للعام الواحد.

لربما عليك أن تسأل نفسك: بعد عشرين عامًا من الآن، ماذا تفضل أكثر أن تمتلك مجموعات من كتب قرأتها وتعلمت منها، أم دزينات من أوراق الصحف القديمة!

ضاعِف معدل استفادتك من القراءة ثلاثًا

 

8 ways to read books -07

 

درك «نيل» أنه على مدى سنوات طويلة أعتقد أن مكتبته الخاصة لم تكن سوى قطعة فنية تتناغم وسط المزهريات! أما الآن يعتبرها كائنًا ديناميكيًّا دائم التحرك والتغير. إذ صار بإمكانه إضافة ما يقرب من خمسة كتب جديدة إلى المكتبة في غضون أسبوع واحد، والتخلص من ثلاثة أو أربعة كتب.
يقول إنه يأتي بالكتب أحيانًا عن طريق مكتبات الاستعارة في الحي الذي يسكن فيه، أو من محل رائع لبيع الكتب المستعملة، أو من المكتبات المستقلة، أو حتى السلاسل، أو بالطبع من خلال منافذ البيع عن طريق الإنترنت.

بينما عملية خروج الكتب من أرفف مكتبته يكون عن طريق تمريرها لأصدقائه، أو بيعها لمحلات الكتب المستعملة، أو تركهم في المكتبة العامة للاستعارة، تلك الحركة الديناميكية تعني أنه دائم التردد على مكتبته، وليس فقط المرور بجانبها. وبفضل ذلك صار يقرأ أكثر.

 

اقرأ الكتب الورقية

 

8 ways to read books -08

 

ربما تتعجب لماذا لا تقرأ ببساطة الكتب الإلكترونية على هاتفك الذكي، موفرًا الوقت والجهد المطلوب في الإتيان بكتب والتخلص من غيرها كما ذكر سابقًا! ففي عالم صار كل شيء رقميًّا: الأفلام والفيديو ومجموعات الصور الفوتوغرافية، هناك شيء أساسي يتعلق بامتلاك مجموعة كتب ورقية تنمو ديناميكيًّا في منزلك؛ إذا أردت أن تتعمق، ربما من الجيد أن يكون لديك تمثيل متجسد للتطور والتغير في عقلك بينما تقرأ. فضلًا عن أن معظمنا ينظر إلى الشاشات طوال اليوم، لذا قد يكون البعد عن الشاشات والنظر إلى كتاب حقيقي ورقي في يديك تغييرًا.

 

أعد تطبيق قاعدة الـ10000 خطوة

 

8 ways to read books -09

ذات مرة أخبره صديق قصة لطالما علقت في ذاكرته. يقول إن «ستيفن كينج» نصح الناس بأن يقرأوا حوالي خمس ساعات يوميًّا، وأضاف: «ليس ذلك إلا هراء. فمن الذي يستطيع قراءة خمس ساعات يوميًّا؟» وبعد سنوات، أثناء قضاء عطلته في ماين بصحبة صديقته، كان ذاك الصديق ينتظر دوره في طابور السينما، ولحسن حظه كان في الطابور أمامه «ستيفن كينج» واقفًا يقرأ كتابًا، حتى إنه عندما انتهى الفيلم وأنارت القاعة، سحب كتابه وبدأ يقرأ، حتى أثناء خروجه من القاعة. ربما لم يتحقق الكاتب من صحة هذه الحادثة من «ستيفن كينج» نفسه، إلا أن الشاهد منها أنك يمكنك القراءة أكثر؛ هناك دقائق مخفية مهدرة في ثنايا اليوم الواحد، والتي إجمالًا تساوي دقائق كثيرة، اغتنمها.

بطريقة أو أخرى، يشبه الأمر قاعدة الـ10000 خطوة، كأن تمشي حول السوق، وأن تركن سيارتك في آخر موقف السيارات، وأن تطارد ابنك في المنزل، وفجأة تجد نفسك بلغت الـ10000 خطوة.

وبالمثل القراءة، من قبل كان «نيل» يقرأ خمسة كتب على مدار العام، في أوقات العطلات.

بينما الآن يقرأ طوال الوقت، بضع صفحات هنا وأخرى هناك، يحتفظ دائمًا بكتاب في حقيبته، في الأغلب يقرأ الكتب الواقعية البعيدة عن الخيال في الصباح عندما يكون عقله متيقظًا في حالة استعداد للتعلم، ويحتفظ بالخيال قبل النوم، عندما يتلهف عقله للفرار من الواقع، كما حرص على إنهاء بضع صفات خلال اليوم.