هل أصبحت الأجهزة الذكية حقاً أساسياً لأطفالنا؟

الاجهزة الذكية

وضع ضوابط من قبل الأهل يقلل مخاطرها

هل أصبحت الأجهزة الذكية حقاً أساسياً لأطفالنا؟

الهواتف حوّلت الأطفال إلى الجيل الأكثر جرأة في التاريخ
بإمكان الأهل استعادة السيطرة على أبنائهم رغم هيمنتها
التكنولوجيا التي تحتويها سرقت الأبناء من ذويهم
إدمان الشاشات ينشئ أشخاصاً سلبيين وجدليين
الهواتف الذكية منحت الأطفال القوّة لكن لا بدّ من المراقبة
"تانيت كاري" أمٌّ لفتاتين وكاتبة بريطانيّة ألّفت سبعة كتب حقّقت أعلى المبيعات؛ لأنّها تناولت فيها قضايا مُلحّة في مُحيط العائلة. وفي هذا الموضوع الذي نشرته صحيفة الديلي إكسبريس البريطانيّة، تسلّط الضوء كأمٍّ وكاتبة، على مسألة من الأهمية بمكان، وهي كيف يمكن للآباء والأمّهات البدء باستعادة بعض السيطرة على أبنائهم في ظلّ هيمنة واضحة للأجهزة الذكية على حياتنا بشكل عام.

تقول الكاتبة" كاري": كانت ابنتي "كليو"،11 عاماً، تضع يديها على خاصرتها، حينما باغتتني بنظرة تحدٍّ مطلقة، فقلت لنفسي من أكون حتى أوقفها، خصوصاً أنّها أرادت تحميل تطبيق جديد على آيفونها.. وقد حاولت أن أوضّح لها أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ ينطوي على مخاطر كبيرة إلا أنّني لم أجد تجاوباً منها. وحتّى حينما أخبرتها بأنّه يمكن لهذه الأجهزة أن تُستخدم في إرسال صور غير مُحترمة، أو أنّها وسائل غير آمنة، كل ذلك ذهب أدراج الرياح، ولم أستطع الوصول لشيء معها لكي تغيّر موقفها.

من الواضح أنّ الأمّ والكاتبة "كاري" تصرّ على أن تعمل الأسر ما بوسعها لوضع ضوابط على استخدام هذه الأجهزة لكن دون تجاهل خلق أطفال بشخصيات قويّة تستطيع مُمارسة حقوقها في مُجتمع يوجد فيه من لا يرحم.

حقّ أساسيّ

بعد خمس دقائق من الحوار المُحتدم مع كليو، لم تتوقف فيه عن التعبير عن غضبها بأنفاس عالية مسموعة، صرخت "كليو" قائلة إن جميع آباء صديقاتها يسمحون لهن بتحميل البرامج. وحينما كنت أراقب خطبة ابنتي أدهشتني بأجواء الدفاع عن رأيها واستحقاقها المطلق، كان من الواضح أنها توصلت لاعتقاد بأن امتلاكها للهاتف الذكي هو حقّ أساسيّ من حقوق الإنسان.

وبالنسبة لـ"كليو"، فإنّه لو تمّت الإشارة إلى خلاف ذلك فقد تنظر إليه كانتهاك لمُعاملة الأطفال. ولكن الأهمّ من ذلك كله فقد دُهشت، من أنه في الوقت الذي انتبه مجتمعنا إلى تأثيرات هذه الأدوات الذكية على الأطفال في الجوانب الجسدية كالإضرار التي تلحقها ببصرهم، والحد من لعبهم في الهواء الطلق، وأنها سبب رئيسي بزيادة مُعدّلات السمنة، حتى الآن لم نعترف بالتغيير الأكثر وضوحاً على الجميع، وهو أنها تحول أطفالنا ليكونوا الجيل الأكثر جرأة في التاريخ، حيث لا توجد ذرة احترام للكبار.

كلّ شيء بالأجهزة الذكية

ولا ننسى أيضاً أن العمر الذي بات يحصل فيه الأطفال على هذه الأدوات ما زال مُستمراً بالانخفاض، فقبل بضع سنوات كان عدد من يمتلك هاتفاً وهو في العاشرة، قليلاً، ربما الآن يمتلكه كثيرون ممن هم في سنّ الخامسة. كما أصبح أولادنا لا يعرفون أن هناك لحظة لا يكون فيها العالم كله في كفّ أيديهم.

في هذا الكون الافتراضي أصبحوا لا يحتاجون إلى استئذان الوالدين للقيام بأي شيء. ففي الوقت الذي كانوا فيه مجرد أن ينظروا للسماء يلتفتون إلينا، ويتساءلون: "ماما، لماذا السماء زرقاء؟" أصبح الآن يطلبون خدمات المعلومات للإجابة عن أسئلتهم عبر الصوت كما هو الحال مع تطبيق سيري الكثير التداول حالياً. كما أن انتشار بنوك الخدمات على الإنترنت، يجعل الآباء يدفعون مصروف الجيب، وهذا يعني أن الأطفال لم يعد ينتظرون للحصول على ما يريدون، بل يمكنهم شراء ما يريدون على الإنترنت.

منبر للتمرّد

علاوة على ذلك، أصبحت هواتفهم عبارة عن أنظمة ترفيه "كل في واحد"، حيث يمكن أن يحصلوا على ما يريدون من ترفيه عبر لمس زر التحكم في الصوت. كما أصبحت تمنحهم وسائل التواصل الاجتماعيّ منبراً للقيام بالشكوى من أي شيء، مُوضحين مدى صعوبة ما قاموا به.

ومع كل موعد يحين فيه الاحتفال بعيد الميلاد يمتلئ تويتر بشكاوى الألفاظ النابية من المراهقين الناقمين لأنهم لم يحصلوا على جهاز ذكي من اختيارهم تحت شجرة الزينة. وقد اشتكت فتاة لم تحصل على هدية مقنعة، قائلة: يا للعجب، كل ما حصلت عليه بعيد الميلاد كانت بطاقة تهنئة وعطوراً ونعالاً، إن أمي تعاني من مشكلة ما في تقديم الهدايا. وبالتالي فإن وسائل التواصل منبر للتمرّد.

قلة احترام

يقول عالم النفس الدكتور ليونارد ساكس إنه في غضون الـ 15 سنة كان هناك انخفاض ملحوظ باحترام الأطفال للبالغين. ويعتقد أن الآباء والأمهات يواجهون في الوقت الحالي "أزمة السلطة".

وقد ألف كتابه الجديد الذي حمل عنوان "انهيار الأبوة والأمومة" بعد أن شاهد صبياً عمره 10 سنوات يجلس ويلعب لعبة على هاتفه المحمول في غرفة الانتظار، حيث يتهيأ لإجراء جراحة له. وبينما كانت الأم تصف أعراض الصبي المرضية قال لها: اخرسي يا أمي، أنت لا تعرفين ما الذي تتحدثين عنه، لقد كان هذا أمراً غير عادي جداً في عام 1990 أو 2000. ومع ذلك، فإنه من الشائع الآن بالنسبة للأطفال والفتيات والفتيان، أن يكونوا عديمي الاحترام للوالدين، سواء لفظياً أو غير ذلك.

 موقف الآباء

ولكن في الوقت الذي استسلم فيه كثير من الآباء لحتمية الهواتف الذكية كنت (كأمّ) مُصممة على أنّ هذه السفينة لن تبحر في بيتي. لذا اتجهت إلى اختصاصية الأبوة والأمومة نويل جانيس-نورتون، مؤلفة كتاب" أكثر هدوء وسهولة وسعادة مع وقت للشاشة". وتقول الكاتبة نويل أصبح التعامل مع الأطفال والمُراهقين أكثر صعوبة؛ لأن معظمهم الآن لديهم مستوى معين من الإدمان على الشاشة التي يمكن أن تؤدي إلى تحولهم لأشخاص "متجهمين، وغير متعاونين وجدليين".

وقالت إنها مرت عبر أطفال من جميع الخلفيات ركلوا وضربوا آباءهم لإصرارهم على أن الوقت قد حان لإيقاف الأجهزة. وتقول نويل: إنهم يرون الآباء والأمهات أقل من أن يستحقوا الاحترام؛ لأن الإدمان أصبح الشيء المهم، وأن الدماغ يحتاج للمزيد من النشاط الإدماني، لذا فإنّ الأطفال سيجادلون ويلحون ويكذبون للحصول على مُبتغاهم. وتدعو نويل الآباء والأمهات لتولي المسؤولية واستعادة الهواتف، وذلك باستخدام وقت الشاشة كمكافأة يحصل عليها الأولاد. وتضيف نويل: إذا توجب على أطفالنا أن يعملوا للحصول على وقت الشاشة الخاص بهم فأنهم سيحترمون أجهزتهم، كما سيحترمونك.

الضوابط تأتي بنتائج كبيرة

في اليوم التالي أخذت ورقة من كتاب نويل وقلت لابنتي كليو، من الآن فصاعداً لن تحصل إلا على ساعة يومياً كوقت شاشة، وأنها ستضطر للعمل لكي تحصل على ذلك. وسيكون لدينا منطقة صمت للأسرة في الردهة، حيث يقوم الجميع، بما في ذلك الكبار، بترك هواتفهم بمجرد أن يدخلوا البيت.

وبعد ذلك قمت باختيار أربعة أنواع من السلوكيات وطلبت من كليو أن تغيرها، بما في ذلك التحدث بأدب وإكمال فروضها بسرعة. وبالتالي يمكنها كسب 15 دقيقة من وقت الفراغ على هاتفها لكل سلوك جيد، أي ما مجموعه 60 دقيقة. وكما توقعت نويل، لقد أغضب ذلك كليو في البداية، واشتكت بأنه لا تعرف أحداً مُورست عليه هذه الحدود الصارمة.

وتمسكت كأمّ بمطالبي لعلمي بأنها تستحق ذلك لأجل استعادة ابنتي إلى السلوك القويم الذي كانت عليه ذات يوم، لاسيما أنني أعرف طبيعتها كطفلة جذابة ومجدة. وفي هذا الصدد تقول نويل: عندما تفرض قيوداً على الأطفال والمراهقين ابتسم أكثر، لأن ذلك يؤمن أفضل اتصال بواسطة العين ويهيئ الانخراط بمحادثات أكثر إثارة للاهتمام. وتضيف: إنهم ينامون أفضل عندما لا يستخدمون أجهزتهم قبل النوم، وسينهضون بسرعة وبحالة مزاجية أفضل صباحاً، وهذا يعني مشاجرات أقلّ.

وفي الواقع، مع بدء سريان الضوابط أصبحت كليو أكثر سعادة وأقل حدّة في تعاملها وأقلّ انزعاجاً مما يقوله أصدقاؤها على وسائل التواصل الاجتماعي. وبدأت أيضاً تفعل أشياء أخرى، مثل النزول من غرفتها وتناول العشاء من تلقاء نفسها بدلاً من اختلاق الحجج. والملاحظ أن ثمة علاقة جديدة أفضل نشأت مما اعتدنا عليه، وهذا دليل على أنه رغم أن الهواتف الذكية وجدت لتبقى، فنحن كآباء وأمهات يجب ألا نستسلم للوقاحة وقلة الانضباط والشقاوة قبل كل شيء.

 

ترجمة – كريم المالكي

إنسانية المصالح!

انسانية المصالح

 

الأيام دول وتدور على الجميع الصغير والكبير وجميع الكائنات، هذه الأيام ودورانها.. تعز من تشاء وتذل من تشاء.. وترسم بحروف القدر أوضاع ومواقف وسيناريوهات لم تخطر على عقل بشر!
يوم يملك الإنسان سلطة ونفوذ ومسؤولية وهي دون شك اختبار وامتحان لكرسي وقلم لا يملكه غيره ممن معه، وبين يوم وليلة تسحب السلطة والنفوذ وملكية اتخاذ القرارات لتذهب لغيره ويكون اسما في سجل التاريخ بخيره وشره!!
يعود ذلك الإنسان، دون مسؤولية اتخاذ القرار والنفوذ والقدرة على الوصول لكافة الأبواب المشرعة!!
تتوارى كل الأصوات والوجوه والابتسامات والمجاملات والأقنعة بعيدا كحلم وسراب.. إلى أن يختفوا تدريجيا ولا يكون لهم وجود ومكان ولا ذكرى إلا ما حملته تلك الأيام من وجودهم ورحيلهم!!
لا يعي الإنسان الدروس والتجارب التي تقع لغيره، لا يعي معنى أنه اليوم موجود ومتحرك على هذه الأرض الدوارة.. وفي الواجهة والإعلام مع الامتيازات والاستثناءات والاهتمام والشهرة وغيره من مزايا.. وبين ليلة وضحاها يصبح تاريخا واسما عبر ذلك الطريق والمكان واسمه يشغل بال البشر ليكون بعدها بدهاليز النسيان!!
لا يعي الإنسان أن الله سبحانه وتعالى عندما يختاره لوظيفة وعمل ومنصب ومكان وكرسي وقلم..فقد اختاره لينفع غيره من الناس لا أن يكون سكينا حادا يؤلم بقراراته وكلماته وتصرفاته!
لا يعي الإنسان حقائق كثيرة تحدث حوله في ظل بهرجة وزينة وصيت منصب وأضواء مكان وضحكات والتفات وحضور بشر بأشكال أقنعة ونفاق!!
تغيب معاني الإنسانية عن بعض العقول والقلوب، ولا تعرف معنى الوفاء ومعنى التواصل ومعنى أثر قول كلمة طيبة.. في موقف أثر الكلمة يفوق كثيرا من المواقف والدواء! يبخلون بمفردات ينطقونها أو يكتبونها أو حتى يرسلونها أو بنيات طيبة يرسلونها للسماء!!
عندما تغيب المصالح تغيب معها الإنسانية ومعنى التواصل في كل أشكال العلاقات.. قرابة، زمالة، عمل وصداقة تقف حدود مفرداتها ومعانيها عند وجود المصلحة!!
عقول بعض البشر تقف عند حدود مصلحتها لا تحاول أن تتجاوز بفكرها وقراراتها لما فيه مصلحة الآخر! للأسف يطغى الحسد والغيرة والحقد والقيل والقال ليصبغ كثيرا من العلاقات والقرارات وتشكيل العلاقات!! تغيب المهنية والإنسانية والبحث الحقيقي والموضوعي بعيدا عن الأهواء والأمزجة في رسم العلاقة وإنصاف الغير!!
وجوه تكون قريبة وبينها ميثاق ثقة وأمانة.. وفجأة تمزق تلك المواثيق وتنثرها بعيدا دون سبب واضح ومنطقي إلا بسبب الفتنه والنميمة ونقل الكلام!!
تمر بالإنسان ظروف ومواقف عديدة.. تتفاوت بين ظروف خارجة عن إرادته قضاء وقدرا ويكون لها التسليم والرضا والصبر لأنها اختبار وابتلاء من الله سبحانه وتعالى، ومواقف وظروف بسبب غيره وتدبيرهم وهو الظلم.. وظلم الإنسان للإنسان!! ينسى ذلك الإنسان المتسلح بقوة هشة زائلة تسمح له بظلم العباد أن رب العباد عينه لا تنام يرى ويسمع ويعلم ما لا نعلم.. وهو شديد الانتقام..
آخر جرة قلم: كل من عليها فان.. ولن نحمل معنا مالا ولا جاها ولا منصبا ولا ذرة من تراب إلا العمل الصالح والخلق الحسن والكلمة الطيبة التي تملأ الميزان وما يسبقنا من كتاب.. سجل فيه صغير وكبير تحركنا وعملنا وقولنا والأهم ما حملته نياتنا.
نسأل الله أن نحمل كتابنا باليمين.. ولا يكون لنا حقوق للغير بظلم بسيط بسلب حرف وقلم لا أن يكون بظلم سلب حقوق وغياب رحمة وخلق وتعامل وغياب معنى الإنسانية وقول كلمة حق وإنصاف الغير.
الإحساس بالغير وتقدير ظروفهم نعمة ومعنى كبير لا يصدر إلا من قلب كبير ورحمة من الله يسكنها قلوب من يشاء من عباده، من غابت الرحمة من قلوبهم والإحساس بالغير عن مشاعرهم ليتفقدوا أين ذهبت قلوبهم ولما ران عليها بقسوة وظلم في زحمة انشغالهم!
ليتفقدوا ضمائرهم أين غابت تحت أسنة الأقلام أو بين الملفات وتراكم الأوراق أو غابت في الأدراج وزحمة الوجوه والناس!.

بقلم : سلوى الملا