التجارة أفضل علاج للتحيز

 

هناك بلدان كثيرة تعرض بالفعل أشكالا مختلفة من التأمين ضد البطالة، التي يمكن أن تقترن بأدوات أخرى. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، نجد أن المجال يتسع لتقديم إعانات الدخل المؤقتة إلى أن يتسنى للعاملين تعزيز مهاراتهم. والمجال يتسع أيضا لزيادة حركية العمالة بتقديم مساعدات إعادة التوطين والمزايا التقاعدية القابلة للنقل.
وفي الوقت نفسه، بإمكان معظم البلدان المساهمة بدور أكبر في تحسين برامج تدريب العمالة وتوسيع نطاقها. فتجارب كندا والسويد مثلا تبين أن التدريب على رأس العمل أكثر فعالية من التعلم في الفصول الدراسية.
وسياسات سوق العمل الجيدة ضرورية – لكنها غير كافية.
وينبغي أن تعمل كل البلدان على إعادة ابتكار نظمها التعليمية لمواكبة العصر الرقمي، وهذا لا يقتصر على إضافة بضعة دروس جديدة في الترميز، لكنه يتعلق بتشجيع التفكير النقدي، وحل المشكلات على نحو مستقل، والتعلم مدى الحياة الذي يساعد الناس على التكيف مع التغيير. إن الأمر يتعلق بالاستثمار في رأس المال البشري.
كيف إذن يستطيع الصندوق المساعدة في هذا الصدد؟
على المستوى العالمي، نحن نقوم بتحليل أسعار الصرف ومتابعة الاختلالات الاقتصادية العالمية.
وعلى مستوى كل بلد على حدة، نعمل مع كل بلداننا الأعضاء البالغ عددها 189 بلدا بشأن السياسات لمساعدتها على إلغاء الحواجز التجارية والاستثمارية – مع تشجيع زيادة انفتاح الاقتصادات، حيث يستطيع القطاع الخاص أن يزدهر ويوجد فرص العمل.
ونسعى جاهدين كل يوم لمساعدة بلداننا الأعضاء على الاستعداد لعصر التجارة الجديد، ونؤمن بأن تحسين التجارة يقتضي أن تكون أكثر إنتاجية، وأكثر ارتكازا على الخدمات، وأكثر احتوائية – حتى يجني الجميع ثمارها.
ولتحقيق هذه الأهداف، يتعين كذلك أن تقوم التجارة على جهود أكثر تعاونية على المستوى الدولي، وأكثر تركيزا على تعددية الأطراف، وهذه هي الخطوة الأخيرة التي تمكننا من بناء جسور اقتصادية أفضل.

تطويع النظام التجاري متعدد الأطراف
على مدار السبعين عاما الماضية، ظلت بلدان العالم تعمل معا لإيجاد نظام متميز حقا – نظام للقواعد والمسؤوليات المشتركة حقق تحولا كبيرا في عالم اليوم.
وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية وحدها، ظل هذا النظام متعدد الأطراف بالغ الأثر في انتشال مئات الملايين من براثن الفقر، مع تعزيز مستويات الدخل والمعيشة في كل البلدان.
واليوم أمام الحكومات فرصة للبناء على ما تم تحقيقه من تقدم حتى الآن، وتطويع هذا النظام لكي يوائم عصر التجارة الجديد.
وبعبارة أخرى، حتى مع إصلاح الجسور الاقتصادية لا بد لنا من الالتزام بالأساسيات الهندسية.
وهذا يعني الابتعاد تماما عن الحمائية؛ لأن قيود الاستيراد تلحق الضرر بالجميع، خاصة المستهلكين الفقراء.
ويعني أيضا القضاء على الممارسات التجارية غير العادلة – وضمان تكافؤ الفرص؛ وهو يعني ممارسة التجارة بناء على القواعد المستقرة – قواعد منظمة التجارة العالمية التي اتفق عليها كل البلدان الأعضاء الـ164؛ ويعني أيضا الانفتاح على أي أفكار جديدة. ماذا أعني بهذا؟
لقد شهدنا بالفعل اتفاقيات جديدة أو موسعة لمنظمة التجارة العالمية في السنوات الأخيرة – بما فيها اتفاقيات بشأن المشتريات الحكومية، وتكنولوجيا المعلومات، وتيسير التجارة.
ولكن هناك حكومات كثيرة تعاني قضايا مهمة لا تدخل حاليا في صلب قواعد منظمة التجارة العالمية. ومن هذه القضايا أشكال الدعم الحكومي المختلفة، والقيود على تدفقات البيانات، وحماية الملكية الفكرية.
ولمعالجة هذه القضايا، يمكننا استخدام اتفاقيات التجارة “محدودة الأطراف”؛ أي الصفقات بين البلدان ذات الفكر المتماثل، التي توافق على العمل في إطار منظمة التجارة العالمية.
ويمكن كذلك التفاوض بشأن اتفاقيات جديدة في منظمة التجارة العالمية في التجارة الإلكترونية والخدمات الرقمية.
وفي هذه القضايا، يمكن أن نستلهم العزيمة من شراكة جديدة وشاملة وتحررية هي “الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ”– المعروفة باسم شراكة المحيط الهادئ – 11. فلأول مرة في اتفاقية للتجارة الموسعة، يضمن بلدان هذه الشراكة حرية تدفق البيانات عبر الحدود لموردي الخدمات والمستثمرين.
وعلى النسق نفسه، ينبغي تصميم صفقات التجارة الجديدة في القرن الـ21 بحيث تضمن تدفق البيانات مع توفير الحماية لخصوصية البيانات، وتشجيع الأمن الإلكتروني، وضمان حصول جهات التنظيم المالي على البيانات عند اللزوم دون خنق الابتكار.
وينبغي كذلك أن تراعي هذه الصفقات الجديدة مشاغل العمالة والبيئة. ولن يكون بالإمكان التصدي لهذه التحديات إلا في سياق العمل متعدد الأطراف؛ حيث تُحترم القواعد المستقرة، وتعمل البلدان على أساس الشراكة، ويلتزم الجميع بتوخي العدالة، وتكون البلدان مساءلة أمام بعضها، ويمكن النظر في النزاعات وتسويتها بكفاءة.
وهنا، اسمحوا لي بأن أختتم حديثي بهذه العبارات التي قالها الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو منذ أكثر من 200 عام:
“التجارة أفضل علاج للتحيز. هناك قاعدة عامة تقريبا أنه أينما نشأت المواطنة السليمة، تقوم التجارة، وحيثما توجد التجارة، تنشأ المواطنة السليمة. فالتجارة بطبيعتها تؤدي إلى تحقيق السلام”.
ويصدق هذا الأمر حتى الآن على الزمن الحالي، فمن خلال بناء الجسور الاقتصادية الجديدة، وتحديد ملامح عصر التجارة الجديد، وإزالة الحواجز، سنتمكن من تعزيز إقامة مجتمعات أكثر رخاء وأكثر سلاما .

 

آلية الانتخابات في ظل الديمقراطية

 

مع انهيار الأحزاب التقليدية في جميع أنحاء العالم، ومع توقّع العديد من الخبراء حدوث «أزمة الديمقراطية»، تبقى قيمة الانتخابات كطريقة للاختيار من جانب من وكيف، يتم حكمنا موضع تساؤل. يحاول المنظّر الديمقراطي المعروف عالمياً آدم بيرزورسكي أن يسلط الضوء على عملية الانتخابات السياسية في ظل الديمقراطيات العالمية، ويطرح العديد من الأسئلة في هذا الكتاب، منها: ما فضائل ونقاط الضعف في الانتخابات؟ هل هناك قيود على ما يمكن تحقيقه واقعياً؟
في هذا الكتاب الصادر حديثاً عن دار «بولايتي» في 210 صفحات من القطع المتوسط يقدّم المنظّر الديمقراطي آدم بيرزورسكي، تحليلاً شاملاً للانتخابات والطرق التي تؤثر بها في حياتنا. ويشير إلى أن الانتخابات ناقصة بطبيعتها، لكنها تبقى أقل الطرق سوءاً في اختيار حكامنا. وفقاً لبروزورسكي، فإن أكبر قيمة للانتخابات – وهي بحد ذاتها موضع اعتزاز – هي أنها تعالج أي صراعات قد تنشأ في المجتمع بطريقة تحافظ على الحرية النسبية والسلام. ولكن تبقى المعضلة الصعبة وغير الواضحة، وهي إذا ما كان المرشحون سينجحون في القيام بتحقيق ذلك في ظل المناخ السياسي العالمي المضطرب في الوقت الراهن.

بعد المقدمة، يأتي الكتاب في قسمين أساسيين هما: أولاً: «كيف تعمل الانتخابات»؟ ويأتي في خمسة فصول هي: فكرة انتخاب الحكومات، حماية الممتلكات، التنافس على المنفعة اللاحزبية، خاتمة: ما المترسخ في الانتخابات؟ ثانياً: «ما الانتخابات التي يمكن ولا يمكن تحقيقها»؟ ويتألف القسم من سبعة فصول هي: مقدمة إلى القسم الثاني، العقلانية، التمثيل، والمحاسبة، وفرض التحكم على الحكومات، الأداء الاقتصادي، المساواة الاجتماعية والاقتصادية، السلام المدني، استنتاجات.

أزمة الديمقراطية

يقول الكاتب آدم بيرزورسكي إننا «نختار حكوماتنا عبر الانتخابات. تقترح الأحزاب السياسات وتقدّم المرشحين. ندلي بأصواتنا، ثم يتم الإعلان عن فوز أحدهم وفقاً لقواعد متأسسة بشكل مسبق. ينتقل الفائز إلى مكتب الحكومة والخاسر يعود إلى بيته. لبضع سنوات يحكمنا هؤلاء، وثم تكون هناك فرصة لنقرر إذا ما كنا سنعيد هؤلاء إلى مكاتبهم أو نرمي بالأشرار إلى الخارج. كل هذا أمر روتيني نتعامل معه على البديهة.
وفي توضيح لعلاقتنا بعملية الانتخاب يقول بيرزورسكي:»على الرغم من أن عملية الانتخابات معروفة ومألوفة، إلا أنها تبقى ظاهرة معقدة. ففي انتخاب نموذجي لواحد من اثنين، ينتهي الأمر بخسارة أحدهما. في الأنظمة الرئاسية، قليلاً ما يتلقى الفائز أكثر من 50 في المئة من الأصوات، والأنظمة البرلمانية متعددة الأحزاب، نادراً ما تكون الحصة الأكبر أعلى من 40 %. علاوة على ذلك، تجد العديد من الناس الذين صوتوا لأجل الفائزين يشعرون بالتخوف من أدائهم في المنصب. بالتالي يبقى العديد منا خائبي الأمل، سواء مع نتيجة أو أداء الفائز. ومع ذلك، تأتي الانتخابات بعد الانتخابات، وكثير منا يأمل أن يفوز مرشحنا المفضّل في المرة المقبلة وألا يخيّب أملنا«.
ويضيف في السياق ذاته:»الأمل والخيبة. الخيبة والأمل: هناك شيء ما غريب. التوضيح الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه هو الرياضة: فريقي المفضل في كرة القدم، هو أرسنال، لم يفز بأي بطولة منذ سنوات، لكن مع كل موسم جديد أتأمّل أن يفوز بالبطولة. بعد كل هذا، في عوالم أخرى من الحياة، نضبط توقعاتنا وفق الخبرات الماضية. لكن ليس في الانتخابات. فالأغنية المغرية للانتخابات لا يمكن مقاومتها. هل الأمر لا عقلاني«؟
ويوضح الكاتب أن الأسئلة المتعلقة بقيمة الانتخابات كآلية بموجبها نختار بشكل جماعي من يحكمنا وكيف سيقومون بذلك قد أصبح أمراً ملحاً على نحو خاص في السنوات القليلة الأخيرة، قائلاً:»في العديد من الديمقراطيات، تشعر أعداد كبيرة من الناس أن الانتخابات تديم فقط حكم المؤسسة الحاكمة، أو حكم النخب أو حتى حكم الحزب، بينما على الطرف الآخر يشعر العديد بصعود الأحزاب الشعبوية، القمعية، وغالباً ما تكون عنصرية ولديها رهاب من الأجانب. توجد مثل هذه المواقف بشكل مكثف على الجانبين، وهذا بدوره يولّد انقسامات عميقة، وحالات استقطاب، ويفسّر الأمر من قبل العديد من المثقفين بأنه «أزمة الديمقراطية» أو على الأقل علامة على عدم الرضا عن مؤسسة الانتخابات نفسها.

إعادة القرار للشعب

يتوقف الكاتب عند نتائج استطلاع يظهر أن الناس بشكل عام، والشباب منهم بشكل خاص، يعتبرون مسألة الديمقراطية أقل ضرورة عما كان عليه في الماضي، فقد كان حماسهم أكثر فيما مضى، لكن لم يعد الأمر كما قبل، حيث كان جل طموحهم هو أن يعيشوا في بلد يحكم بشكل ديمقراطي. بحسب الاستطلاع كلهم يدعمون ما يتردد من أن الديمقراطية تعيش في أزمة.
ويعلق الكاتب على هذه الفكرة قائلاً: ومع ذلك، لا شيء «غير ديمقراطي» حول نصر دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أو صعود الأحزاب المعادية للمؤسسات الحاكمة في أوروبا. حتى أنه يكون أكثر تناقضاً عند قول الشيء نفسه حول نتائج الاستفتاءات المتنوعة، سواء فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو بشأن الإصلاح الدستوري في إيطاليا (لكن بشكل ضمني جميع أوروبا)؛ فالاستفتاءات يفترض أن تكون أداة «الديمقراطية المباشرة» التي تعتبر من قبل البعض متفوقة على الديمقراطية التمثيلية. علاوة على ذلك، ففي الوقت الذي يطلق فيه علامة «فاشي» من دون مبالاة لتشويه سمعة هذه الأحزاب السياسية، نجد أن هذه الأحزاب، على خلاف الأحزاب في فترة الثلاثينات، لا تدافع عن استبدال الانتخابات بطريقة أخرى لاختيار الحكّام. ربّما يرونها بشعة، لكن هذه الأحزاب تقوم بحملاتها تحت شعار إعادة السلطة المغتصبة من قبل النخب إلى «الناس»، إذ يرون في هذا تقوية للديمقراطية».
ويضيف: «في الكلمات الدعائية لترامب كان يقول: حركتنا هي لأجل استبدال المؤسسة السياسية الفاسدة والفاشلة بحكومة جديدة تتحكمون بها أنتم، أيها الشعب الأمريكي». واليمينية الفرنسية مارين لوبان وعدت «بالدعوة إلى إجراء استفتاء على أوروبا، حيث تقررون فيه أنتم، أيها الشعب». ببساطة إنهم ليسوا ضد الديمقراطية. كما أنهم من خلال عملهم، ليس هناك من هو ضد الديمقراطية بشأن أناس يريدون أن تكون لديهم حكومة«قوية أو على قدر من الكفاءة ومؤثرة»، بحسب الاستجابات إلى أسئلة الاستطلاعات التي زادت بشكل متتالٍ خلال السنوات الأخيرة، وفيها يفسر بعض المعلقين ذلك بأن ما يحدث عرض من أعراض تراجع الدعم للديمقراطية.

التوجّه نحو الإصلاحات

وفي سياق توضيحه أكثر يجد الكاتب أن عدم الرضا عن نتائج الانتخابات لا يمكن اعتبارها بنفس سوية حالات عدم الرضا عن الانتخابات كآلية اتخاذ القرار الجمعي، ويقول:»صحيح أن إيجاد نفسك على الجانب الخاسر لا يمكن القبول به. لكن تظهر الاستطلاعات حقاً أن نسبة الرضا عن الديمقراطية أعلى بين من صوتوا لأجل الفائزين. تظهر في الانتخابات العديد من المنصات التي يتحدث فيها الفائزون أكثر من الخاسرين، لكن على العموم، يقدّر الناس ويصوتون لحزب يمثّلهم ويعبّر عن آرائهم، حتى وإن انتهى بهم الأمر على الجانب الخاسر. (بناء على دراسة هاردينغ في 2011 التي غطت 40 استطلاعاً من 38 دولة بين 2001 و2006).
عندما ينهض الناس للاحتجاج ضد «المؤسسة الحاكمة»، غالباً ما يقصدون أنهم إما أن الحزب لا يمثّل آراءهم أو أن الحكومات تتغير من دون تحقيق أي تأثير في حياتهم، مشيرين إلى أن الانتخابات لا تولّد التغيير. لكننا، والغالبية العظمى كذلك، نستطيع تقدير آلية الانتخابات حتى وإن كانت نتائجها لا تروق لنا».
يعاين الكاتب العديد من الأسئلة، ويحاول في إجاباته التعامل مع الانتخابات كما هي بشكل واقعي، مع كل العيوب والأخطاء الموجودة فيها، ودراسة فرض تأثيراتها في الأشكال المتنوعة لوجودنا الجمعي، ومن هذه الأسئلة:«لماذا ينبغي ولماذا يتوجّب علينا أن نقدّر الانتخابات كطريقة لأجل اختيار من يحكمنا والطريقة التي حكمنا بها؟ ما فضائلهم، نقاط ضعفهم، وحدودهم»؟
يشير الكاتب إلى أن بعض الانتقادات الشعبية للانتخابات، بشكل خاص من هؤلاء الذين لا يقدمون أي خيار ويعتبرون أن المشاركة الانتخابية الفردية غير فعالة، يجدهم مخطئين، بناء على فهمهم غير الصحيح للانتخابات كآلية بموجبها نقوم باتخاذ قرار جماعي.
ويفترض أنه في المجتمعات التي يكون فيها للناس آراء ومصالح متضاربة، يكون البحث عن العقلانية أو «العدالة» أمراً ميؤوساً منه، لكن تلك الانتخابات تقدّم توجيهات وتعليمات للحكومة لتقليل حجم عدم الرضا مع كيفية حكمنا. ويقول:«سواء اتبعت الحكومات هذه التعاليم أو التوجيهات وسواء عملت الانتخابات على إزالة الحكومات التي لا تتبعها حينها تكون أكثر شكوكية؛ الحكومات التي تكون سيئة جداً تكون خاضعة لقوانين انتخابية، لكن هامشها للتهرب من المسؤولية كبير جداً».
ويعبّر الكاتب عن خشيته تجاه عملية الانتخابات قائلاً: «أخشى أن التوقع الدائم والمستمر للانتخابات بفرض تأثيرها في خفض التفاوت الاقتصادي يتسم بالهشاشة في المجتمعات التي تكون فيها الملكية الإنتاجية في يد قلة من الناس، وتوزع فيها الأسواق بشكل غير متساوٍ الدخل (الرأسمالية)».
ويضيف:«قيمة الانتخابات الكبرى هو أنها على الأقل تحت بعض الشروط تسمح لنا بالتحرك في حرية نسبية وسلام مدني مهما كانت الصراعات الموجودة في المجتمع، فهي تمنع العنف. هذه وجهة نظر تدافع عن الاعتدال السياسي (تشرشلية)، والمقتنعون بها يقرّون أن الانتخابات ليست جميلة جداً، ولم تكن أبداً «عادلة» جداً، وهي عاجزة عن مواجهة بعض الحواجز التي تظهر أمامهم في مجتمعات محددة».
في التعامل مع آلية الانتخابات يرى الكاتب أنه لا طريقة سياسية لاختيار حكامنا، ويقول: لا يمكن لأي نظام سياسي أن يجعل المشاركة السياسية للجميع فعّالة بشكل فردي. لا يمكن لنظام سياسي أن يكون وكيلاً مثالياً للمواطنين. لا يمكن لنظام سياسي أن ينتج ويحافظ على درجة المساواة الاقتصادية في المجتمعات الحديثة التي يكون فيها العديد من الناس مهووسين بالهيمنة. السياسة بأي شكل أو نمط، لديها حدود في صياغة وتحويل المجتمعات والتأثير فيها. هذه حقيقة حياتية معاشة. أعتقد أنه من المهم معرفة هذه الحدود، لكي لا ننتقد الانتخابات لعدم تحقيقها ما لا يمكن لأي ترتيبات سياسية أن تحققها. ولكن هذا لا يعني الرضا والتسليم بالوضع القائم مع كل مشكلاته. إدراك الحدود يساعد في توجيه جهودنا نحو هذه الحدود، ويوضح الاتجاهات لأجل الإصلاحات المناسبة.
في خاتمة هذا العمل لا يبدو الكاتب متفائلاً أمام ما يحدث من حالات استقطاب سياسي على مستوى عال في العالم، ولكن يعبر عن رغبته في عدم التوجه نحو انقسامات فعلية تؤدي إلى صراعات في مجتمعات بقيت لفترة من دون حروب.

نبذة عن الكاتب

ولد أستاذ العلوم السياسية الكاتب البولندي- الأمريكي آدم بيرزورسكي 1940 في وارسو، بولندا. تخرّج في جامعة وارسو في عام 1961. وبعد ذلك بوقت قصير، انتقل إلى الولايات المتحدة، حيث حصل على درجة الدكتوراه في جامعة نورث ويسترن في عام 1966. يعدّ اليوم من بين أهم المنظّرين والمحللين المهمين للمجتمعات الديمقراطية، ونظرية الديمقراطية والاقتصاد السياسي.
يعمل حالياً أستاذاً في قسم السياسة في قسم ويلف فاميلي للسياسة في جامعة نيويورك. حاضر في العديد من الجامعات منها: جامعة شيكاغو، حيث حصل على لقب مارتن رايرسون كأستاذ الخدمة المتميز، كما حاضر في جامعات خلال زيارات إلى الهند وتشيلي وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وسويسرا. منذ عام 1991، كان عضواً في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، وشارك عام 2001 في جائزة وودرو ويلسون لكتاب الديمقراطية والتنمية. في 2010، حصل على جائزة يوهان سكايت في العلوم السياسية «لرفع المعايير العلمية المتعلقة بتحليل العلاقات بين الديمقراطية والرأسمالية والتنمية الاقتصادية». له العديد من الكتب البارزة منها: الرأسمالية والديمقراطية الاجتماعية (1985)؛ «الديمقراطية والسوق: الإصلاحات السياسية والاقتصادية في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية» (1991)؛ «الدول والأسواق: الكتاب الأول في الاقتصاد السياسي» (2003)؛ «الديمقراطية وسيادة القانون» (2003).

ترجمة: نضال إبراهيم

حياة على الحدود

 

اختفت أزمة الهجرة واللاجئين في أوروبا عن نشرات الأخبار مؤخراً، رغم أن تأثيرها على الأجندة السياسية استمر في جميع أنحاء القارة. وعلى الرغم من أن هناك مشاهد مأساوية، كما هو الحال مع الصورة المروعة للطفل السوري آلان كردي المسجّى على شاطئ بودرم التركي، إلا أنه في معظم الأحيان تضيع القصص الفردية للفارين من الحروب وسط الهستيريا الإعلامية الغربية التي تدعو إلى تخفيض أعداد المهاجرين وإغلاق أبواب القلعة – أوروبا. تحاول الصحفية هسياو-هونج باي في عملها هذا نقل حقيقة القصص الإنسانية المؤثرة التي يحاول الكثير من الأوروبيين إبقاءها بعيداً عن الأعين والأذهان.
سافرت هسياو-هونج باي إلى مناطق ودول عديدة بهدف لقاء المهاجرين وطالبي اللجوء الذين كانوا يصلون للتو إلى شواطئ لامبيدوزا أو صقلية، وكيف كان يتم استيعابهم في مخيمات استقبال سيئة. وتتطرق في تفاصيل الكتاب إلى حياة طالبي اللجوء في إيطاليا وألمانيا، حيث واجه البعض منهم مضايقات من المجموعات اليمينية المتطرفة، وعاش آخرون ظروفاً مروعة في المخيمات على ساحل شمال غرب فرنسا.

يقع الكتاب الصادر حديثاً عن «نيو إنترناشيناليست» في 240 صفحة من القطع المتوسط باللغة الإنجليزية. ويحتوي على ستة أقسام هي: بوابة لأوروبا، تجارة استقبال اللجوء في صقلية، السير من تحت الأرض، التوجّه شمالاً؛ جيتوهات أوروبا، غابة باريس.

أزمة اللاجئين

تقول الكاتبة إن كلمات مثل «أزمة اللاجئين» أو «أزمة المهاجرين» من المصطلحات التي تستخدمها وسائل الإعلام الأوروبية السائدة لتخبرنا عن حالة الأشخاص الذين لا يملكون رؤوس الأموال، والفارين من الصراعات، والحروب. هذه المصطلحات المستخدمة تدخل في سياق لعبة الأرقام، وزرع فكرة لدى الرأي العام أن «أوروبا لا يمكن أن تحتمل أكثر من ذلك». في نهاية المطاف، يتم من خلال هذه المصطلحات الحفاظ على مفهوم «نحن» و«هم» وترسيخها.
وتضيف: «عندما قرأت لأول مرة هذه المصطلحات الإعلامية، واستمعت إلى اللغة المستخدمة في التعامل مع وصول اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا، كانت الأسئلة التي أردت طرحها هي: من يعرّفها على أنها «أزمة»؟ لماذا هي «أزمة»؟ ما هي طبيعة «الأزمة»؟».
وترى أنه في العالم غير المتكافئ الذي نعيش فيه، حيث شمال الكرة الأرضية يحدد ويكتب التاريخ نيابة عن الجنوب، يتم نشر معرفتنا للعالم والتحكم فيها من خلال المؤسسات القوية للنخب الحاكمة في الشمال، وفهمنا للأحداث العالمية وغالباً ما يتم تشكيلها وتوجيهها من قبل هذه المؤسسات.
على عكس الرأي السائد الذي ينظر إلى وصول اللاجئين والمهاجرين من ناحية الأمن وإدارة الهجرة، يطرح هذا الكتاب نهجاً بديلاً يضع القراء في قلب الصورة الحقيقية. وتقول الكاتبة: «بصفتي شخصاً لم يولد في بريطانيا، وعاش فقط هنا منذ أن كان عمره 21 عاماً، فهمت دائماً ماذا يعني أن تكون «غريباً»، ومدى صعوبة إسماع صوتك إلى الرأي العام. خاصة أن المؤسسات الإيديولوجية النافذة، مثل وسائل الإعلام، تحرص على عدم إسماع قصة «الغريب» إلا نادراً، وعندما يحدث ذلك، غالباً ما تُعرض القصة كإحصائيات وبيانات مجرّدة من الحالة الإنسانية. وبطريقة ما، من خلال عمل وسائل الإعلام، الواقع المأساوي لعشرات الآلاف من الأرواح التي فقدت في البحر لم يحرك ساكناً».

الموت على أبواب أوروبا

يتم تصوير اللاجئين والمهاجرين، في أحسن الأحوال، كضحايا بحسب ما تقول الكاتبة. وتوضح أنه في الذهنية الجمعية العامة، ليس لديهم وجوه أو أسماء. وسعت في عملها إلى تغيير هذه الصورة من خلال تناول القصة من جانب آخر، من عيون اللاجئين والمهاجرين، وتعمقت في حقيقة الأشخاص الذين فروا من الاضطهاد والنزاع والفقر المدقع، حيث خاطروا بحياتهم لعبور البحر، ثم وجدوا أنفسهم عالقين في نظام غير مصمم لتوفير الحماية لهم، ولكنه غالباً ما يسعى إلى الاستفادة منهم والحفاظ على تهميشهم. تتناول الكاتبة قصة الذين تشكلت حياتهم ومصائرهم على حدود أوروبا، حيث اتبعت رحلتهم أثناء انتقالهم من ملجأ إلى آخر، من الجنوب إلى الشمال، ومن بلد إلى بلد، ووثقت ظروفهم وتطلعاتهم.
بذلت الكاتبة جهداً بحثياً كبيراً في الأرقام والإحصائيات أيضاً، ومما تذكره في الكتاب: «فقد أكثر من خمسة آلاف مهاجر حياتهم عبر البحر المتوسط ​​وبحر إيجة في عام 2016، حيث غرقوا أو خنقوا أو سحقوا أثناء العبور. لقد مات أكثر من 25 ألف مهاجر أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا أو البقاء فيها منذ عام 2000. وفي منتصف عام 2017، شهدنا الآلاف يفقدون حياتهم في البحر أثناء رحلتهم إلى أوروبا».
وتضيف: «بالنسبة لأولئك الذين قاموا بالرحلة عبر البحر وتمكنوا من الوصول إلى أوروبا، بدأت مرحلتهم التالية من البؤس. ترى ذلك البؤس في أنظمة استقبال اللجوء عبر دول الاتحاد الأوروبي في الخطوط الأمامية، والناجمة عن تعهيد المرافق وخصخصتها. ترى ذلك في «نظام النقاط الساخنة» الذي تفرضه المفوضية الأوروبية، والذي يعمل فقط كإجراء يرفض الأكثرية ويحمي أقل عدد منهم.. ترى البؤس عند المهاجرين الذين يواجهون البرد القارس والثلوج دون ملاجئ في جزيرة ليسبوس لأنهم كانوا محاصرين وسط حالة من الغموض، كنتيجة مباشرة للاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. ترى مهاجرين ليس لديهم مكان يلجؤون إليه وينامون في الشوارع، وسط أوروبا الغربية «المتحضرة». ومع وجود مؤسسات قوية، كان من الصعب على الدوام تحدي المفهوم السائد للهجرة، وتصحيح رواياتهم عن اللاجئين والمهاجرين، وأصبح الأمر أعقد بشكل متزايد منذ الأزمة المالية. لقد نمت الأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة بشكل مطرد، مستفيدة من الأوقات الاقتصادية السيئة. في العقد الماضي، ساهمت سياسات التقشف التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي في استياء متزايد، حيث كان هناك قدر كبير من سوء توجيهه ضد «الأجانب»، وبعبارة أخرى، ضدّ اللاجئين والمهاجرين».

قوانين صارمة

وبحكم وجودها في بريطانيا، تنتقد الكاتبة السياسة البريطانية في مسألة اللجوء قائلة: «فشلت بريطانيا دائما في الوفاء بالتزاماتها الدولية لاستقبال اللاجئين، وتهربت من مسؤولياتها حتى عندما أصبحت أعداد أكبر من اللاجئين تدخل أوروبا في عام 2015. وبعد تعهد ديفيد كاميرون الذي يرثى له، فقد قررت حكومته أخذ 20 ألف لاجئ سوري من مخيمات اللاجئين بحلول عام 2020، ورئيسة الوزراء تيريزا ماي ذهبت أبعد من ذلك، ليس فقط ضد عمليات الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط، التي وصفتها بأنها عامل جذب، ولكن أيضاً «جعلت الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لطالبي اللجوء عند وصولهم إلى بريطانيا، وأبقت خدمات الاستقبال في مراكز اللجوء بيد شركات خاصة، وباتت تقدم لطالبي اللجوء دعماً مالياً غير كاف، وعرّضتهم لظروف معيشية مروعة».
وتضيف: «تستمر حكومة حزب المحافظين في رفض المشاركة في استقبال اللاجئين: تم تقديم ثلاثة بالمئة فقط من طلبات اللجوء في أوروبا في بريطانيا. في عام 2016، تلقت بريطانيا فقط حوالي 39 ألف طلب لجوء، مقارنة بحوالي 723 ألف طلب في ألمانيا، وحوالي 124 ألف طلب في إيطاليا، وحوالي 86 ألف طلب في فرنسا. أصبحت السياسات المناهضة للاجئين والمهاجرين التيار الأبرز في جميع أنحاء أوروبا الغربية».
كما تتوقف الكاتبة عند سياقات اللجوء في عدد من الدول من بينها هنغاريا، التي تقول الكاتبة عنها: «في هنغاريا، رئيس الوزراء فيكتور أوربان من فيدس – الاتحاد المدني المجري اليميني من أشد المعجبين بدونالد ترامب. وبالإضافة إلى إغلاق الحدود مع كرواتيا في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وضع المزيد من الضوابط على الشرطة بين البلدين، واقترح احتجاز اللاجئين في معسكرات حدودية حيث يتم تقييد حرية تنقلهم بالكامل».
وتتحدث عن الدنمارك أيضاً قائلة: «في عام 2016، أصدرت الدنمارك قانوناً صارماً يسمح لسلطات الشرطة الدنماركية بالبحث والاستيلاء على الأشياء الثمينة لدى طالبي اللجوء (تقدر قيمتها بأكثر من 10000 كرونة، أو 1600 دولار)، وذلك لتغطية تكاليف السكن والطعام. والأسوأ من ذلك هو أن القانون الدنماركي يضمن أيضاً أن على اللاجئ الانتظار ثلاث سنوات قبل أن يتمكن من تقديم طلب لمّ شمل لعائلته للقدوم إلى الدنمارك».
لطالما كان لدى الدنمارك – بحسب الكاتبة – مستوى منخفض من طلبات اللجوء يتراوح بين ثلاثة وخمسة آلاف طلب سنوياً قبل عام 2014. وحتى عندما فرّ عشرات الآلاف من سوريا وحاولوا الدخول إلى أوروبا، لم تستقبل الدنمارك سوى 15 ألف طلب لجوء في عام 2014، ولم يُمنح سوى 6 آلاف شخص منهم تصريح الإقامة. في عام 2015، عندما كانت ألمانيا تستقبل حوالي 800 ألف طالب لجوء، كان لدى الدنمارك فقط 18.500 طلب، ولم يتم منح سوى 10 آلاف منهم حق الإقامة.

اختبار ضمير أوروبا

في بلد لم يتأثر مشهده الاقتصادي بوجود اللاجئين والمهاجرين، لا شك أن الخوف من «الغزو» هو نتيجة للتلاعب السياسي كما ترى المؤلفة. وتستشهد بما قاله المؤلف الدنماركي مارتن بيترسن الذي كتب بشكل مكثف عن الهجرة في أوروبا، والذي يشعر بالفزع والحزن لأن الأغلبية في البرلمان الدنماركي صوتت على هذه القوانين. بحث بيترسن في رحلة اللاجئين وظروفهم في لامبيدوزا في بداية الألفية، واستوحى كتاباته من الصحفي الإيطالي فابريزيو جاتي الذي قام بأعمال سرية من أجل الكشف عن مصير اللاجئين البائسين في أوروبا. شهد بيترسن نفسه الظروف المعيشية غير الإنسانية والمعاملة القاسية للاجئين والمهاجرين – مثل الضرب واستخدام اللغة العنصرية – في مراكز الاستقبال الإيطالية، والذي أعاد تسمية «حديقة الحاويات» في روايته «خروج سوجارتاون».
تؤيد الكاتبة ما ذهب إليه بيترسن في القول أن وصول اللاجئين هو اختبار لضمير أوروبا ونظامها الأخلاقي. ومما تذكره من كلام بيترسن: «قبل بضعة أعوام، كان عدد قليل جداً من الناس في الدنمارك يعرفون أو كانوا مهتمين بما يحدث في لامبيدوزا ومالطا واليونان وإيطاليا وإسبانيا. لكن منذ سبتمبر/أيلول 2015 عندما شوهد اللاجئون السوريون وتم تصويرهم وهم يسيرون شمالاً على طول الطرق السريعة في جنوب جزيرة جوتلاند السويدية، أعتقد أن أعين الكثير من الناس تفتحت. وكانت ردود الفعل كثيرة. من الرجل الذي بصق على اللاجئين من جسر فوق الطريق السريع، إلى الناس الذين توجهوا نحو الحدود الألمانية في سياراتهم وأوصلوا اللاجئين إلى كوبنهاجن، حتى يتمكنوا من الوصول إلى السويد بشكل أسرع. بعض الدنماركيين الذين ساعدوا السوريين حوكموا، وربما عوقبوا بتهمة الاتجار بالبشر، رغم أنهم في هذه الحالة كانوا ينقلون اللاجئين السوريين، بدون أي أجر، من الحدود الألمانية إلى العبّارات أو الجسر إلى السويد.
بيترسن يشعر بالخزي من السياسات الدنماركية بحق طالبي اللجوء. حتى أن حزب يمين الوسط الحاكم، فينستري، المدعوم من قبل حزب الشعب الدنماركي المناهض للمهاجرين كان يريد إغلاق الحدود، قال علناً إن هذه القوانين يتم إصدارها بشكل أساسي لإبقاء الناس بعيداً وإخافتهم من طلب اللجوء في الدنمارك. ولسوء الحظ، 20٪ من الدنماركيين يصوتون لحزب الشعب الدنماركي، ويحبّون هذا القانون. حتى البعض يريد قوانين أكثر صرامة».
تجد الكاتبة أن هناك قلة من الكتّاب والصحفيين يواجهون عقبات صعبة، خاصة عند الإبلاغ عن الهجرة وتقديم الحقائق بصدق. ويكون التحدي الأول دائماً الابتعاد عن حدود وسائل الإعلام السائدة والخطاب السياسي المهيمن، وذلك من خلال طرح بعض الأسئلة مثل: من يحدد «الأزمة»، لماذا هي «أزمة»، وما هي طبيعة «الأزمة»؟
يكشف هذا العمل البحثي عن العنف الهيكلي الذي وضعته النخبة في الشمال، ونظرتهم إلى اللاجئين والمهاجرين المحاصرين في نظام الهجرة المتبع في الاتحاد الأوروبي، وتصنيفهم على أنهم مجرد أرقام في الميزانيات العمومية لسلسلة استقبال اللجوء، حيث يتم التعامل مع احتياجاتهم وتطلعاتهم على أنها غير ذات صلة.
ونختم بما تقوله الكاتبة: «إن الأزمة الحقيقية التي نواجهها هي أزمة عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على الاستجابة لأشخاص من الجنوب يفرون من ظروف بائسة بحثاً عن ملجأ وإقامة. الأزمة الحقيقية هي فشل الاتحاد الأوروبي الهائل في إحباط هؤلاء».

نبذة عن الكاتبة

هسياو-هونج باي من مواليد 1968 تايبيه،( الصين الوطنية). نشرت وتنشر في العديد من الصحف والمواقع العالمية باللغة الإنجليزية والصينية. ومؤلفة للعديد من الأعمال منها كتاب همسات الصينيين: قصة جيش العمال المخفي لبريطانيا(2008)، وصل للقائمة القصيرة في جائزة أورويل للكتاب لعام 2009، رمال متفرقة: قصة المهاجرين الريفين في الصين(2012)، وفائزة بجائزة بريد آند روزيس في 2013، والمخفي: تجارة العاملات لأجل الجنس في بريطانيا2013، شعب أبيض غاضب: وجهاً لوجه مع اليميني البريطاني المتطرف (2016). تعيش باي في المملكة المتحدة منذ عام 1991، وتحمل شهادات الماجستير من جامعة ويلز، وجامعة دورهام وجامعة وستمنستر. وهي حاصلة على درجة البكالوريوس من جامعة فو جين الكاثوليكية في نيو تايبيه.

ترجمة: نضال إبراهيم

صعود «الترامبوية»

 

كان الكاتب ديفيد فروم يجمع الأكاذيب، والتشويش، والتجاهل الصارخ للقيود التقليدية المفروضة على مكتب الرئاسة الأمريكية لفترة طويلة، وساعدته بشكل خاص فترة عمله في البيت الأبيض ككاتب خطابات لجورج بوش، حيث شهد الطرق التي كانت فيها الرئاسة مقيدة، ليس بموجب القانون، بل بالتقاليد، والأعراف، والاحتجاج العام، لكن كلها ضعفت الآن. يجد في عمله هذا أنه سواء دامت رئاسة ترامب عامين، أو أربعة، أو سبعة أعوام أخرى، فإن طبيعة الرئاسة تغيرت إلى الأسوأ، ومن المرجح أن تظل كذلك لعقود من الزمن.
في كتابه الجديد هذا المقسم إلى اثني عشر فصلاً، الذي يقع في 320 صفحة من القطع المتوسط الصادر عن دار «هاربر» للنشر باللغة الإنجليزية، يوضح فروم أن العمل الشاق للانتعاش في الرئاسة الأمريكية يبدأ من الداخل الأمريكي. ويشير إلى أن «ترامبوكراسي»، أو «الترامبوية» توضح كيف أن ترامب يمكن أن يدفع أمريكا نحو الليبرالية، وعواقب ذلك على الشعب الأمريكي، وشعوب العالم، والتدابير الممكن القيام بها لمنعها.

ولتوضيح عنوان الكتاب، ننطلق من كلمة «الديمقراطية» التي في مناهج التربية المدنية في المدارس تعود بأصلها إلى كلمتين إغريقيتين هما «الناس» و«الحكم». وسمّى هذا الكتاب «ترامبوكراسي» لأنه دراسة الحكم القائم في الولايات المتحدة، وليس دراسة شخصية ترامب. الموضوع هو سلطة الرئيس ترامب: كيف استطاع أن يكسبها؟ كيف استخدمها؟ ولماذا مع ذلك لم تتم مراجعتها بشكل مؤثر؟
يقول الكاتب حول ذلك: «أي رئيس أمريكي ليس زعيم قبيلة، يحكم بالكاريزما الشخصية لديه، أو بقوة مجردة. الرئيس (ربما يوماً ما الرئيسة) يمارس مهامه عبر الأنظمة؛ عبر حزب في الكونجرس والولايات؛ عبر منظمات إعلامية داعمة؛ عبر شبكات سياسية وطنية من المتبرعين والناخبين؛ عبر مئات الطواقم المتضمنة في مصطلح «البيت الأبيض»؛ وعبر آلاف الموظفين القدامى الذين معاً يديرون الفرع التنفيذي».
ويضيف: «كذب ترامب بالطبع بشكل سيئ، بشأن تاريخه الخاص في ما يتعلق بحرب العراق. وكرر فانتازيا بشأن معارضة الحرب بشدة، مضمونها أن الرئيس جورج دبليو بوش أرسل ممثلين له إلى ترامب يناشدونه ليبقى هادئاً. كل هذا كان غير صحيح تماماً. ومع ذلك، لا يهم إذا كان غير صادق حول تاريخه الشخصي، إلا أنه حطم كل التابوهات التي أسكتت الصدق والنزاهة في الآخرين».

كسر القيود

هذا الكتاب هو قصة الذين يمكّنون، ويدعمون، ويتعاونون مع دونالد ترامب. العديد من هؤلاء الناس وجدوا طرقاً للتعبير عن عدم راحتهم الشخصية، وانزعاجهم من ترامب. تلك التعابير يمكن أن تكون على نحو صحيح بدرجة أقل، أو أكثر. ربما تصبح في أحد الأيام مهمة، كما يقول الكاتب. ويضيف أنه «في الوقت الذي يتخلى فيه أنصار ترامب عنه، سيبقى في حالة من العزلة والعجز، وسيصبح سناً ميتاً في لثة الحكومة الأمريكية. ومع تلك الفرصة التي اكتشفها، والخطر الذي قدّمه لن ينتهي مع الحياة المهنية لدونالد ترامب. فنقاط الضعف التي استغلها ترامب سوف تبقى نقاط ضعف قائمة. وكذلك مزّقت القرارات السياسية والاتجاهات الاقتصادية بعمق الولايات المتحدة المعاصرة، إلى جانب ترسيم خطوط الطبقة، والعرق، والدين، والأصل الوطني، والهوية الثقافية. حتى إن الروابط بين الرجال والنساء أصبحت ضعيفة. تلك ليست ادعاءات بلاغية، بل حقائق قابلة للقياس. التنوع يستدعي عدم الثقة، وعدم الثقة المتبادلة بين الأمريكيين كانت المصدر السياسي الأكثر أهمية لدونالد ترامب».
ويضيف الكاتب: «من روسيا إلى جنوب إفريقيا، ومن تركيا إلى الفلبين، ومن فنزويلا إلى المجر، حطم القادة السلطويون القيود المفروضة على قوتهم. وتآكلت حرية وسائل الإعلام والقضاء في ظلهم. صحيح أنه لا يزال الحق في التصويت قائماً، لكن الحق في أن يُحسب صوت واحد بنزاهة لم يعد موجوداً. حتى إنه في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة عام 2016، أصبح انحدار الديمقراطية العالمي مصدر قلق لشعوب أخرى في أنحاء العالم. هذا التفاؤل الذي يبعث على الرضا عن النفس قوبل بالصعود السياسي لدونالد ترامب».
ويشير الكتاب إلى مكمن الخطورة قائلاً: «الأزمة على الأمريكيين، هنا والآن. بهدوء، وثبات، يدمّر ترامب وإدارته المبادئ والممارسات المقبولة للديمقراطية الأمريكية، وربما بشكل لا رجعة فيه. وبينما هو وعائلته يجمعون الثروة، تقع الرئاسة نفسها في أيدي الجنرالات والممولين الذين يحيطون به».

فشل النظام

يلجأ الكاتب في عمله إلى تسليط الضوء على الناخبين الأمريكيين أكثر من المرشحين؛ على الاتجاهات طويلة المدى، وليس الحوادث الدراماتيكية؛ على اللعبة كما يتم تنفيذها. ويقول: «حتى قبل أن يدفع دونالد ترامب نفسه كمرشح رئاسي كانت السياسة الأمريكية تتجه نحو التطرف واللا استقرار. هيمن ترامب على فرصة سوداء، لكن تلك الفرصة فتحها ووسعها الآخرون له. انتخاب ترامب كان فشل النظام، لكن النظام لم يفشل خارج السماء الزرقاء الصافية.
المؤسسات لا تهتم لنفسها. بل تهتم بالطريقة التي تعمل بها، أو تفشل في خدمة شعب هذه البلاد. «الترامبوية» تركت الأمريكيين في وضع أقل أمناً أمام المخاطر الخارجية».
كما يشير إلى أنه «حتى الآن، خطورة تحدّي ترامب للديمقراطية الأمريكية تبقى موضع جدل وشك. بعض الجمهوريين من ذوي الذهنية التقليدية سوف يشيرون إلى الإحباطات السياسية وصنع القرار الفوضوي لإدارة ترامب بأنه تطمين. كيف يمكنه أن يكون أوتوقراطياً عندما ينفذ أجندته في الكونجرس من دون إتقان؟ لا يمكنه فعل شيء لخمس عشرة دقيقة متواصلة، فضلاً عن إطاحته نظام حكومة دام أكثر من مئتي سنة. الفرضية المنتهية في هذه التطمينات هي أن القادة الوحيدين الذين يجب أن نخشاهم هم أولئك الاستراتيجيون، المنهجيون، والحاذقون، وأن التهديدات الوحيدة التي يجب على الديمقراطية أن تقلق بشأنها هي الهجمات السرية والمفتوحة على شرعيتها. مؤسسو الجمهورية الأمريكية عرفوا ذلك على نحو أفضل. أحد المفكرين السياسيين الذي ترك تأثيراً كبيراً فيهم هو الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو الذي حذر من «أن أي مجتمع حر يجب أن تتم حراسته ليس فقط ضد «الجرائم» التي يقوم بها القادة المتنفذون، بل أيضاً ضد الإهمال، والأخطاء، ومسألة إهمال حب الوطن، النماذج الخطيرة، بذور الفساد التي لا تسير في مواجهة القوانين، بل تتملص منها، وهذا الأمر لا يدمر القوانين، بل يضعفها».
ويقول الكتاب أيضاً «بالتالي الآن، الشيء الذي يُخشى منه في رئاسة ترامب ليس الإطاحة الفجة بالدستور، بل الشلل الخفي للحوكمة، ليس المواجهة المفتوحة للقوانين، بل التدمير التراكمي للأعراف وقواعد السلوك، ليس نشر قوة الدولة لتخويف المعارضين، بل إثارة العنف الخاص لجعل المناصرين متطرفين. ترامب لا يعمل وفق استراتيجية، بل وفق الغريزة. مهارته الكبرى تكمن في الكشف عن نقاط ضعف خصومه، ووصفه كل واحد منهم بأنه: «قليل الطاقة»، «صغير»، «فاسد»، «كاذب».
بالطريقة نفسها، يستشعر ترامب فطرياً النقاط الضعيفة في النظام السياسي الأمريكي، وفي الثقافة السياسية الأمريكية. راهن ترامب على أن الأمريكيين شعروا بالامتعاض من اختلافاتهم أكثر من ابتهاجهم بديمقراطيتهم المشتركة. حتى الآن، الرهان نجح.
وعن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية يعلق: «كسب ترامب الرئاسة بفضل جزء كبير من الناخبين الذين يشعرون بالاشمئزاز من واقع لم يعد ينفعهم، ويقدم لهم شيئاً. كانت التركيبة الأكبر والأكثر إخلاصاً من أولئك الناخبين رجالاً شعروا بالتقليل من قيمتهم في الحياة الاقتصادية، وبعدم الاحترام على المستوى الثقافي. ترامب لم يبقِ على إيمانه بهؤلاء الناخبين، لكنهم أبقوا على إيمانهم به. وبسبب خشية الحزب من فقد الناخبين، يبقى متعلقاً بترامب. العديد من أعضاء حزبه يشجبون أفعاله، لكنهم يبقون الأمر بعيداً عن العامة، حيث يبقون داعمين له أمامهم».

انقسامات داخلية

يرى الكاتب أن الرئيس ترامب وضع الولايات المتحدة في حالة من الفوضى لتعزيز سلطته الشخصية. أقنع الملايين من الأمريكيين بتجاهل المعلومات التي يحتاجونها ك«أخبار كاذبة» من «إعلام فاسد». وسمح للدول الأجنبية والسياسيين المحليين بالعبث بنزاهة الانتخابات الأمريكية لمصلحته. ويطالب بأن يتجاهل الضباط الكبار القانون لأجل الولاء الشخصي له. وركز السلطة في أيادي رجال عسكريين أفضل منه، لكنها ليست في أياد صحيحة لحكومة مدنية. عزل الحلفاء، وأرضى الأعداء، ودفع الأمور نحو الأسوأ بسبب أشياء صغيرة. أثار بقسوة الانقسامات العرقية والطبقية التي مكّنته في المقام الأول. أغنى نفسه في الحكومة بطريقة تثبط همّة كل ضابط نزيه، وتدعو المخادعين لمحاكاته.
يجد الكاتب أن الصحف الأمريكية تشير إلى أن الديمقراطية تموت في الظلام، لكنه يجد أنه سيكون «من الدقة بمكان إذا قلنا إنها تموت عبر درجات. ضاعت الديمقراطية الدستورية، وهي في الحقيقة ضاعت بسبب الممثلين السياسيين الذين انتهكوا قواعدها بالتناوب لتحقيق هدف ملح وفوري. كل واحد منهم ينتهك القاعدة، ثم يأتي التالي ليبرر له، في دورة من الانتقام تنتهي فقط في الإلغاء الرسمي وغير الرسمي للنظام الدستوري».
ويذكر أن الديمقراطية الدستورية تأسست في المقام الأول على الالتزام بقواعد اللعبة. الخاسرون في أي جولة من اللعبة يقبلون بخسارتهم، لأنهم يؤمنون بأن دورهم سيأتي مرة أخرى في القريب، والفائزون يقبلون بالحدود وفق مكاسبهم، لأنهم يتوقعون أنه في المرة القادمة ربما يحققون أرقاماً بين الخاسرين.
ويعلق على ذلك: «منذ سنة 1992، تطورت لعبة السياسة كثيراً إلى شكل من تمارين الذخيرة الحية. ربما توضح نهاية الحرب الباردة القسوة المكثفة للمنافسة، ومنذ 1990 كان اهتمام النخب الأمريكية قليلاً ما يتجه نحو قلاقل الأمن القومي. كما أن التباطؤ في النمو الاقتصادي منذ سنة 2000 وصدمة الأزمة المالية والركود الكبير قد أصابت السياسة أيضاً، عندما يبدو أن هناك القليل المتوفر، يتقاتل الناس بقسوة أكثر على ما بقي».
ويشير إلى أن الإحباطات والأخطاء في السياسة الحكومية منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001، عبر حرب العراق، وعبر التعافي الضعيف من الركود الكبير، تحركت كفة ميزان السلطة بسرعة أكبر من جانب إلى آخر، مغرية كل طرف بالاستحواذ على المزيد طالما أنه يستطيع، مدركاً أن الفرصة لن تدوم للأبد.
ويذكر في ختام عمله: «في الوقت الذي يكون الرئيس ترامب قاسياً، جاهلاً، كسولاً خائناً، أنانياً، حاقداً، جشعاً، يترتب علينا أن نكون متسامحين، لطفاء، كرماء، وطنيين، مثابرين، وعلى قدر المسؤولية، ونبلّغ عن الأخطاء. وفي الوقت الذي يكون فيه داعمو ترامب مستهزئين، وغير مبالين، وقاصري النظر، ومتبلدي الذهن، وحاقدين، في المقابل على معارضي ترامب أن يكونوا مثاليين، ومتبصرين، وحكماء، وتوفيقيين، وذوي حساسية أخلاقية عالية. قالت امرأة حكيمة: إنهم ينحدرون نحو الأسفل، ونحن نصعد نحو الأعلى».
ويضيف: «أولئك المواطنون الذين يتخيلون تحدي الاستبداد من داخل مجمعات محصّنة لم يفهموا أبداً كيف يتم تهديد الحرية بشكل فعلي في وضع بيروقراطي حديث؛ ليس بالإملاء أو العنف، لكن من خلال العملية البطيئة المثبّطة من الفساد والتضليل. والطريقة التي يجب الدفاع عنها ليست بسلاح الهواة، بل بإصرار لا يهدأ على الصدق، والنزاهة، ومهنية المؤسسات الأمريكية وأولئك الذين يقودونها.
نحن نعيش أكثر التحديات خطورة للحكومة الحرة للولايات المتحدة الأمريكية التي صادفها أي شخص على قيد الحياة. ما يحدث تالياً يعود إليك. لا تكن خائفاً. هذه اللحظة من الخطر يمكن أن تكون أفضل ساعة لك كمواطن، وكأمريكي».

نبذة عن الكاتب

– ديفيد ج. فروم من مواليد 30 يونيو/ خزيران 1960. معلق سياسي أمريكي كندي. كان كاتب خطابات الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، وفي وقت لاحق أصبح مؤلف أول كتاب بعنوان «من الداخل» حول رئاسة بوش. وهو محرر رئيسي في «ذا أتلانتيك» ومساهم في «إم إس إن بي سي»، ونائب رئيس وزميل مشارك في معهد آر ستريت. وهو ابن الصحفية الكندية الراحلة باربرا فروم. حاصل من جامعة ييل على درجة البكالوريوس في الآداب والماجستير في التاريخ عام 1982.
وحصل على دكتوراه في القانون من جامعة هارفارد في عام 1987. له العديد من المؤلفات منها: «عودة إلى الوراء: السياسة المحافظة التي يمكن أن تفوز مرة أخرى» (2007)؛ «نهاية الشر: كيف تكسب الحرب على الإرهاب؟» (2004)؛ «الرجل المناسب: الرئاسة المفاجئة لجورج دبليو بوش» (2003)؛ «كيف وصلنا إلى هنا؟ السبعينات: العقد الذي جلب لك الحياة الحديثة – نحو الأفضل أو الأسوأ» (2000)؛ «ما هو اليمين: الأغلبية المحافظة الجديدة وإعادة تشكيل أمريكا» (1997)؛ «سر رأس المال: لماذا تنتصر الرأسمالية في الغرب وتفشل في مكان آخر» (2003).

ترجمة: نضال إبراهيم